أحد الزملاء في الساحة الشعبية، بسخريته الهادفة يمارس وخزات منطقية تؤلم من تعنيه بأمل علاجه من اعوجاجه -حسب وجهة نظره-، وهو شاعر معروف طرح قبل أيام بوجود بعض الزملاء -في مناسبة خاصة-، ما مفاده أن وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً «تويتر» أسهمت بأن يشهد ذو الوجهين على نفسه قبل أن يذمه الجميع بعد ذلك، وهي تتمثل في أكثر من شخص دون أن يذكر أسماء أو يشخصن بموضوعيته البحتة- دأب على هذا النهج في الساحة الشعبية ووُصم به حتى قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت حجة عليه وليست حجة له، من حيث يدري أو لا يدري. واستشهد بما جاء في باب ذم ذي الوجهين في رياض الصالحين، قال الله تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا الآيتان (108-109) سورة النساء، يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ نزلت في «بني أبيرق» جاءوا يدافعون عن رجل منهم يسمى (طعمة) سرق درعا من جاره، وخبأها عند يهودي فألصقوا التهمة باليهودي، ودافعوا عن صاحبهم السارق، وهم يعلمون أن السارق كان منهم، فنزل القرآن ليبرِّئ اليهودي، ويدين هؤلاء الذين تآمروا عليه, وهي قصة من روائع القصص في الانتصار للحق والعدالة، ومعنى الآية: يستترون من الناس خوفاً وحياءً، ولا يستحون من الله وهو العالم بما يدبرون في الخفاء من تبرئة صاحبهم المجرم السارق، ورمي اليهودي البريء بتهمة السرقة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدّهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه» متفق عليه. والشعر فصيحه وشعبيه زخرت نماذجه الفريدة بما يُحذِّر من هذه النوعية من الناس، أسأل الله لنا ولهم الهداية. يقول الشاعر ابن الرومي: تَوَقّي الداءِ خيرٌ منْ تصَدٍّ لأَيْسَرِهِ وإِنْ قَرُبَ الطبيبُ ويقول الأمير الشاعر محمد السديري رحمه الله: لا تلتفت للخلق راحل ونزَّال ما لك على ذرية آدم مطاليب واحذر ترى بالناس مُبغض وختَّال ما له مراجل كود شذب العراقيب ويقول الشاعر راشد الخلاوي رحمه الله: ومن عاب شخصٍ قبل يبصر بنفسه يرى فيه ما لا ينحصر من معايبه وكم حافرٍ بيرٍ خباها لغيره فأمسى خديعٍ ذاق فيها معاطبه كما أن التضحية بمن يلبس (قناع الصداقة) لأهدافه ومآربه، أمرٌ يحتّمه العقل والمنطق والرجولة والوضوح مع الذات قبل الآخرين. يقول المثل (عدوٌّ يجاهرك بالعداء خيرٌ من صديق زائف). Better an open enemy than a false friend