كان بإمكان مسئولي النادي الأهلي التعذر عن خسارة المباراة النهائية بأي عذر، لكنهم لم يختاروا أعذارًا بالية، بل باركوا للشباب البطولة واعتبروا أن فريقهم كان في قمة نحسه وأن هذه كرة القدم لا بد لها من فائز وخاسر، هذا التناول الإعلامي هو السر في لقب (الراقي) المتداول جماهيريًّا، وهذا الرقيّ ليس شعارًا مصطنعًا بل هو أسلوب تعامل يعبّر به الأهلاويون عن بعد كبير من الوعي بأن فريقهم في طور البناء وأن مستواه يتطوّر باستمرار وبقدر من الصراحة لا يخدعون فيها جماهيرهم أو يحاولون تزييف الحقائق أو إعادة تركيبها بطريقة بعيدة عن المفهوم السامي للمنافسة الرياضيَّة، ولا أجد غرابة في ذلك، فالأهلي الذي يحظى بعناية كريمة من العضو الشرفي الكبير سمو الأمير خالد بن عبد الله له تقاليده التي استمدها من خصال عضو شرفه، وهي خصال تنبئ عن تواضع وصبر وكرم وشهامة، بل إنّه يندر أن تجد من يقول: إن النادي الأهلي قد أساء التعامل في قضية من القضايا الرياضيَّة أو أنّه خرج عن النص أو أنّه استعمل أساليب أو عبارات لا تتفق مع الأخلاق الرياضيَّة، وهو أمر يعود لتقاليد أهلاوية عريقة بنتها التجارب وأثبتتها المحن، وهذه التقاليد وجدت لها صدى في طريقة البناء التي لا شكَّ ستثمر بشكل يؤكِّد فيه الأهلي ريادته عبر عنوان واضح هو أكاديمية النادي الأهلي ومركز الأمير عبد الله الفيصل لقطاع الشباب والناشئين، والمشكلة للمراقب في الأهلي هي أولاً وأخيرًا تدريبية بحتة. عندما تحدث رئيس نادي الشباب القادح نشاطًا إداريًّا وتعاملاً إعلاميًّا وسلوكًا رياضيًّا قويمًا، عندما تحدث خالد البلطان في فترة سابقة عن أن ناديه بات يشكل أحد أضلاع مثلث الأندية الكبيرة على صعيد كرة القدم السعوديَّة، فإنَّه كان في الحقِّيقة يعبِّر عن الواقع الذي تعيشه فرقة الشباب الكروية التي ظلَّت تسجل اسمها على صعيد جميع مسميات المسابقات المحليَّة، كان تصريحه هذا مهمًا لأنَّه كان يكشف عن حقيقة أثارتها وأثبتتها الانتصارات الشبابية المتوالية في الأعوام الماضية، حقيقة عرضت تمامًا كيف يكون العمل الإداري الإعلامي المنظم شعارًا للنجاح الشبابي، وكيف تنجح كإداري في أن تحفظ حقوق فريقك، وفي نفس الوقت تعزل اللاعبين عن ذلك وتكون في نفس الوقت قريبًا منهم، الشباب ببطولته تلك عبَّر عن الواقع الذي تعيشه أوضاعه الكروية التي ظلَّت تسجل وجودها كل موسم، وتوليفة الطاقم الإداري الشبابي الحالي التي تضم أسماء سبق لها أن عملت في أندية أخرى، وفي مناصب رفيعة، ومنهم نائب رئيس نادي الشباب الأستاذ خالد المعمر الذي اعتقد أنه من أفضل الإداريين الذين عملوا في الأندية السعوديَّة، الذي كان من المفترض أن يفوز بانتخابات رئاسة اتحاد كرة القدم لولا قدرة قادر، وذلك يؤكد للمتابع الرياضي أن صانعي القرار الشبابي لديهم معنى راق لمفهوم الممارسة الرياضيَّة، وإدراك لمعاني وقيم المنافسة الرياضيَّة وسمو الروح الرياضيَّة، بل لو حللنا تناول مسيري نادي الشباب للممارسة الإعلامية، فسنكتشف فورًا أن الرقي لهذا النادي شيخ الأندية هو أسلوب تعامل يعبِّر به الشبابيون عن آرائهم بقدر من الصراحة لا يخدعون فيها جماهيرهم أو يحاولون تزييف الحقائق أو إعادة تركيبها بطريقة بعيدة عن المفهوم السامي للمنافسة الرياضيَّة، فحقوق ناديهم دائمًا محفوظة وبقوة دون إساءة أو تطفل، والشباب في عهد هذه الإدارة له حقوق، وجداره ليس قصيرًا ولا يمكن لأحد قفزه بسهولة. وإذا كان الحديث عن نهج إدارة خالد البلطان في إدارة أمور ناديه لا تتحمله المساحة، إلا أن بعض تفاصيله يمكن أخذها كمثال، وإذا تركنا قصة حزمه في التعامل مع موضوع عقد عبده عطيف قبل خروجه من الشباب الذي عاد له الآن، فإنَّ مبادلته للهلال بلاعب مثل وليد الجيزاني عبر قنصه للاعب نجم مثل عمر الغامدي يُعدُّ براعة في التحرُّك، وكذلك تأتي تضحيته بالنجم الكبير ناصر الشمراني مفضلاً بقاء المدرِّب برودوم، الذي كان قرار صعبًا لا شكّ، لكنه كان دليلاً على الحسم، وهي صفة مهمة لأي إداري ناجح. إذا استحضرنا في الذاكرة رجال نادي الشباب التاريخيين، وعلى رأسهم الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -غفر الله له- وهو من أسس أول نادٍ في مدينة الرياض عام 1367 - 1948 تحت اسم (شباب الرياض) بعد الانفصال عن فريق الموظفين، ثمَّ رأس أول مجلس إدارة له، وكان معه في الفريق المغفور لهم -إن شاء الله- عبد الله بن أحمد، صالح ظفران، عبدالحميد مشخص، محمد صائغ، حامد نزهت، فإنَّ المباركة الكبرى بتحقيق نادي الشباب بطولة جديدة تكون لرجال الشباب الكبار، وخصوصًا الشرفي الداعم الكبير الأمير خالد بن سلطان والأمراء خالد بن فيصل بن سعد وخالد بن سعد وعبدالرحمن بن تركي، والأساتذة محمد جمعة الحربي وسليمان المالك ومحمد النويصر وسليمان النفيسة وطلال آل الشيخ، وإلى الأخ العزيز عبدالرحمن الرومي والأخ العزيز حسان صالح ظفران، والتبريكات تتجه دائمًا وأولاً وأخيرًا إلى رئيس النادي خالد البلطان ونائبه خالد المعمر، ولأمين عام النادي عبد الله القريني والمتحدث الشبابي طارق النوفل، ولبقية أعضاء مجلس الإدارة ولمدير الكرة الكابتن خالد المعجل وبقية العاملين معه، وللمدرِّب (الذئب) عمار السويح وطاقمه، فهم من يجب أن يشكروا على جهودهم ووقتهم وعطائهم. أحداث كثيرة مرَّت على كرة القدم السعوديَّة هذا الموسم، منها ما تعلّق بالفوضى التي يعيشها اتحاد أحمد عيد لكرة القدم ولجانه - التي اسميها لجان الريموت كنترول- ومنها ما كان عن الدفع الرباعي التحكيمي اللوجستي للنصر عبر (شغل) المكاتب، ومنها ما كان عن إدارة الهلال الميتة إداريًّا الضعيفة المتردّدة إعلاميًّا والمتخبطة عملاً احترافيًّا، غير أن ختام الموسم كان الحدث الذي أعاد لموسم كرة القدم السعوديَّة بعض رونقها، وهو كسب تلك الفرقة الشبابية اليانعة - جوهرة الفرق - الكأس الغالي على أرض - جوهرة الملاعب -، وهذه الفرقة الأخيرة كانت هي الجانب المنير في هذه الأحداث، عندما لعبت مبارياتها بطريقة أجمل وأكبر وألذ كسر بها الشباب أرقامه القياسية ونجح في الفوز أيْضًا بلقب أفضل وأجمل كرة قدم تعرض على ملاعب كرة القدم المحليَّة، عبر فرقة رائعة أثبتت وجودها في عرض كروي جماعي وانضباطي، سندته إدارة رائعة ومن ورائها مجلس شرفها. مبروك للشباب ولمحبيه.