تبنت كتلة دولة القانون برئاسة السيد نوري المالكي رئيس الوزراء االعراقي صيغة «وزارة الأغلبية البرلمانية» للتشكيل الوزاري القادم بعد إعلان الخارطة البرلمانية لانتخابات 2014 والتي ستفتح صناديق اقتراعها أمام الناخبين في الثلاثين من إبريل الجاري، وتعتمد هذه الصيغة المتوقعة من قبل المالكي ومستشاريه على أمل فوز كتلتهم بالمركز الأول في قائمة نتائج الانتخابات البرلمانية وتوقع كسبهم لأكثر من مائة مقعد نيابي وتكملة العدد المتبقي لنيلهم الثقة البرلمانية (165 مقعداً نيابياً)، وبمشاركة حلفائهم من الكتل الأخرى: الإصلاح الوطني برئاسة ابراهيم الجعفري، وقائمة سعدون الدليمي في الانبار المسماة: وحدة أبناء العراق، والتي تضم بعض رؤساء العشائر الموالين للمالكي من رجال الصحوات المشاركين مع الجيش العراقي المحيط بالانبار، وأيضاً كتل سياسية صغيرة أخرى، تم الاتفاق معها في الكواليس المظلمة وبوعود (الكرسي والدولار) ثمناً لتأييدهم للولاية الثالثة للمالكي، وتهيئة الأجواء الانتخابية المميزة لهذه القائمة لكسب أغلب المقاعد المخصصة لمحافظة الانبار.إلا أن القوائم الوطنية فطنت لهذه الالتفافة الانتخابية على أصوات الناخبين المقيمين في الفلوجة والرمادي وغيرها من مدن الأنبار، وتصدت لها قائمتا الكرامة وائتلاف العراق لإفشال هذا المخطط بترشيحها شخصيات اكاديمية ذات خبرة ومعروفة بوطنيتها ونزاهتها لدى مواطني الأنبار؛ لمنافسة قائمة وزير الدفاع وكالةً سعدون الدليمي المدعومة من المالكي وكتلته دولة القانون. ويعلو الهمسَ الإعلامي ضجيجٌ حول هدف الحملة العسكرية على الأنبار بأنها انتخابية، وذلك لإحداث فراغ سكاني للاصوات الانتخابية المؤيدة لكتلة الاعتصام الوطني السلمي، وعمدوا لتهجيرهم من ديارهم نتيجة القصف العشوائي الموجه على المدن وفتح المجال لعملاء القوائم المؤيدة لشعار الأغلبية البرلمانية المالكية، وذلك بتفكيك ساحات اعتصام العزة والكرامة ومنعهم من تشكيل قائمة انتخابية خشية استحواذها على أكثرية أصوات أهل الأنبار الثائرة على تهميشهم وإبعادهم عن كافة حقوقهم المدنية والدستورية، وتم تهجيرهم وقصفهم عشوائياً دون مسؤولية ورحمة لدماء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والمرضى، من غير مبرر لهذا القصف الصاروخي من الدبابات والطائرات على شعبهم الأعزل المسالم، بعيداً عن التكتيك العسكري لمكافحة الإرهاب داخل المدن كما يدَّعون.يشكل انشطار التالف الوطني الشيعي لقسمين ليصب أخيراً إيجابياً في خدمة المشروع الوطني العراقي، فأصبحت كتلة دولة القانون تعيش حالة عزلة تامة عن الأحزاب المؤتلفة في البيت الشيعي، ما يؤدي لتوزيع الأصوات الانتخابية في وسط وجنوبالعراق بينها، ويمنع استحواذ المالكي وكتلته لها، وقد تؤثر السلطة وأموال الدولة على توجيه بعض الأصوات نحو قائمة المالكي. وظهر تأثير القوائم الشيعية المعارضة لانفراد قائمة الحزب الحاكم بالشارع الشيعي جلياً، فدخلت بقوة لمشاركته في تلك الأصوات في جنوب ووسط العراق ذوَي الكثافة الشيعية، وأصبحت رقيباً قوياً على أي عمليات خرق مدبر لنزاهة العملية الانتخابية من أشكال اللعب بأصوات الناخبين وتزوير نتائجها بأساليب مختلفة مثل شراء بطاقات الانتخاب والتصويت عن الموتى من الناخبين، والأدهى من ذلك تزويد العسكريين ببطاقتين انتخابيتين إحداهما عسكرية والأخرى مدنية، ومعظمهم يصوِّتون لصالح القائد العام للقوات المسلحة المالكي، وبذا تتضاعف تزوير أصوات منسوبي القوات المسلحة وعددهم يتعدى المليون ناخب!.الشعب العراقي الصابر يتطلع لتشكيل وزارة إنقاذ وطني بعيدة عن التيارات الطائفية، وركيزتها المواطنة ومصلحة الوطن العليا، والمؤلفة من الكتل الوطنية المتشابهة ببرامجها الانتخابية، والتي تهدف لتحقيق المصالحة الوطنية، وتأكيد وحدة التراب الوطني، وتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي، وتهيئة الفرص الوظيفية لكافة المواطنين العراقيين دون تمييز طائفي أو حزبي.والسيناريو المعروض على المشهد السياسي وذلك بمشاركة الكتل الوطنية الداعية للتغيير (الصدريون بزعامة مقتدى الصدر والمواطن بقيادة عمار الحكيم والوطنيو برئاسة اياد علاوي والتحالف الكردستاني وممثله رئيس الاقليم مسعود البرزاني)، وكل المؤشرات تتوقع حصول هذا الائتلاف على الاغلبية البرلمانية، ويطوى عهد مظلم عاشه المواطن العراقي محروماً من أبسط درجات الخدمات، مع تفشي الفساد المالي والإداري، وسحق كرامة كل من يطالب بحقوقه المشروعة من أبناء الشعب، وزجهم في السجون وتعريضهم لأقسى صنوف التعذيب والانتقام السياسي الطائفي.رياح التغيير السلمي ستهب على الوطن العراقي قريباً، وتأتي حكومة جادة نزيهة ووطنية ترمم ما تخرب طيلة نصف قرن، وتنهي عهد تسلط الحزب الواحد، ومعه قائده المتمسك بالكرسي «المالكي» ومجموعته، وتعود الابتسامة لثغر بغداد الرشيد، وتستبدل حينها ثوب حدادها الأسووتعود لأهلها كما كانت، بلد الإسلام والسلام ويزهر آنذاك ورد رمانها الأحمر.