لقد علّمونا السرعة منذ نعومة أظفارنا. وعندما نكون في سنّ الطفولة، يكافئوننا إن كنّا الأسرع بين الرياضيين. وفي الجامعة، يضغطنا عامل الوقت في الامتحانات. وفي الحياة العملية، يعمد الرؤساء التنفيذيّون إلى ترقية كبار المسؤولين الذين يسبقون منافسيهم في تسويق الأفكار الجديدة. ولكن ماذا لو كانت السرعة مقياساً خاطئاً للنجاح؟ وماذا لو كانت القدرة على الاستدامة - أي القدرة على حفظ الميزة التنافسية لمدّة أطول من الآخرين - أهمّ من السرعة؟ لا شكّ في أنّ هذا النوع من القدرة على الاستدامة بات عملةً نادرة أكثر فأكثر. وعلى امتداد خمسين سنة مضت، تراجع متوسط مدّة بقاء الشركات ضمن مؤشر «ستاندارد أند بورز 500» من 60 سنة تقريباً إلى نحو 18 عاماً. وما أكثر الشركات التي بائت بالفشل، مقابل كلّ شركة بقيت صامدة لأكثر من مئة عام. وتذكّروا في هذا السياق أيام الذروة في شركتي «بولارويد» و»كوداك» –أفضل شركتين ضمن فئتهما في ما مضى، مع أنّه تعذّر عليهما الخروج من الروتين الراسخ والمستتب فيهما. وبالتالي، ما الذي يتطلّبه الإبقاء على الميزة التنافسيّة؟ أيّ مواصفات ثقافيّة وقياديّة تضمن استدامة بعض الشركات، وتسبّب انهيار شركات أخرى؟ في سبيل اكتشاف ذلك، لجأت إلى كتب التاريخ، واستخرجتً منها أربعة دروس: - احذروا عقيدة المؤسس: أسّس إدوين لاند شركة «بولارويد» في العام 1937. واشتهر بالتزامه الحالم بالتصوير الفوري، وكذلك بأسلوبه الاستبدادي وبمعتقداته العقائديّة. وأظهر لاند التزاماً وحماسة حيال الطباعة الفوريّة، وسعى لجعل مطبوعات «بولارويد» تضاهي بنوعيّتها الصور التقليدية التي تستخدم أفلاماً عرضها 35 مليمتراً. وقد شكّل هذا التفاني أكبر مواطن قوّة لديه ولكن أيضاً أهمّ نقاط ضعفه. - استغلّوا الوقت المهدور: تطوّر الشركات الصامدة بنى تخوّلها هدر الموارد، خلال سعيها للابتكار والنفاذ إلى أسواق جديدة. وفي البدء، قد يبدو الأمر متناقضاً، إلاّ أنّ الشركات بحاجة إلى موارد مهملة لتعزيز فعاليّتها على صعيد تخصيص رؤوس الأموال على المدى الطويل. - تحدّثوا دوماً إلى عملائكم: يتحدّث مدراء المنتجات مع عملائهم باستمرار. ولكن لسوء الحظ، يتخلّى عدد كبير من كبار المسؤولين عن براعتهم في التعاطي مع العملاء المتواضعين، متى بدأوا يتقرّبون من طاقم الإدارة التنفيذيّة العليا. - لا تتوقّفوا عند تطوير المهارات، بل طوّروا قدرات ديناميكية: من شأن شركة أن تشتري مهارات. لكنّ تطوير القدرات يتضمّن صعوبات أكبر، على الرغم من دوره الحيوي للمحافظة على الميزة التنافسية. ومن المعروف أنّ القدرات على صلة بالتركيبات والعادات المرتبطة باتخاذ القرارات عند أعلى المستويات، وأن الشركات التي حقّقت الاستدامة تعتمد ثقافة اتخاذ قرارات موجّهة من البيانات، ونحو العميل، ومتكيّفة مع أيّ تغيير.