إن الباحثين في تاريخ التربية الإسلامية يدركون أهمية الرواد الأوائل في هذا الميدان فالفكر التربوي الإسلامي له دور رائد ومجال بارز لا ينكر أو يهمل في الفكر التربوي وما زالت هناك مخطوطات كثيرة لم يتطرق لها الباحثون والمهتمون بتاريخ التربية الإسلامية وقد فقد الكثير منها نتيجة عوامل شتى، وخلال زياراتي لبعض المكتبات العالمية كمكتبة المتحف البريطاني ومكتبة الاسكوريال في مدينة كنت في إسبانيا أسأل عن ذلك فيقال يوجد جزء من ذلك ولكنه مخطوط أو مفقود مما يجعل الوصول إلى ذلك صعباً. إن تراثنا الإسلامي يحتوي على نصوص تربوية تعليمية نُشِّئت عليها الأجيال تتمثَّل في أية كريمة وأحاديث شريفة وحكم بليغة ومأثورات رائعة تحض على الدين والأخلاق والفضائل وتكرم العقل وترفع من منزلته وتدعو إلى التفكير والحض عليه وتشيد بالعلماء وتجعلهم ورثة الأنبياء.إن تراثنا التربوي يؤكّد على أن غدوة في طلب العلم أحب إلى الله من مائة غزوة مما يدل على عظم إجلال العلم والحكمة ضالة المؤمن يلتمسها أنىّ وجدها، لقد وضع أسلافنا بذور أصول التربية وأرسوا أسسها الأولى واتبعوها في علمهم واعتمدوا عليها وهي قيم خلقية وإنسانية سامية يعتز بها تراث أمتنا عبر تاريخها الزاهر وممارسات رائدة رائعة.إن التربية سلسلة متصلة الحلقات ما دام الناس وما دامت الحياة، إن التربية الإسلامية تدعو إلى الإيمان والتقوى - والتقوى تزيد من العلم كما قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} (سورة البقرة 282). وان التربية الإسلامية تربية خلقية تؤكّد على إصلاح السلوك نحو الأمثل وتربية الإنسان تربية رشيدة تأخذ في الاعتبار مختلف أبعاد النمو الأخلاقية والروحية والاجتماعية والعقلية والجسمية وإيجاد الفرد المتكامل النمو والذي يظل عضواً نافعاً صالحاً مفيداً في المجتمع في بنائه وتطوره ونهضته ورقيه وتحقيق الأهداف السامية بأوسع معانيها ومدلولاتها.