تعتبر مدينة "النجف الأشرف" من أبرز المدن الثقافية على مستوى العالم مدينة تزرع الأفكار، وتحصد الكتب، وتصدِّر العلماء فهذي المدينة التي مازالت أحبار مخطوطاتها تعطِّر تاريخ أزقتها، ومدارسها الدينية، ومكتباتها العامة والخاصة، وتنير دروسَ طلابها فهي مدرسة عالمية خَرَّجت آلافَ العلماء والمفكرين والباحثين، وسكنت في سراديبها نفائس المخطوطات، وعاشت في خزائن مكتباتها آلاف النوادر، لكنها مازالت حية مستمرة بعطائها للإنسانية لما لها من دور كبير في إثراء الفكر الإنساني في العالم. ويوجد في النجف كمٌّ هائلٌ من المخطوطات، إذ تمتلك النجف الأشرف أكثر من مائة ألف مخطوط، عثر عليها في سراديب النجف ومكتباتها. ومن أهم هذه المخطوطات معلقة الشاعر امرِئ القيس أحد أبرز شعراء المعلقات السبع في العصر الجاهلي، وهي لوحة رائعة مخطوطة ونسخ من التوراة والإنجيل مخطوطة، وكتابات عبرية والكثير من المخطوطات اندثرت وبعضها سُرق، فما بقي الآن من مخطوطات هو متفرق بين مكتباتها العامة والخاصة، إذ تحتوي بعض المكتبات على مخطوطات مهمة ونادرة، فالنجف لا تفرق بين مخطوط أو كتاب إسلامي أو مسيحي أو يهودي؛ لأنها منفتحة على كل الأديان والألوان والأطياف ويوجد بها أيضاً الخزانة الأثرية وهي بقايا المكتبة الغروية الشهيرة التي ترجع إلى أكثر من ألف سنة، والتي ذكرها المؤرخون ووصفوها بأنها تحوي الآلاف من المخطوطات الثمينة والتي لم يتبق منها إلا (750) نسخة مخطوطة من القرآن الكريم وكتب المعارف والعلوم المختلفة. ومخطوطات القرآن الكريم وصلت إلى 600 مصحف مخطوط تعود إلى ما بين القرنين الأول والرابع الهجري. كما يوجد بها أقدم مخطوط لنهج البلاغة يعود إلى أكثر من 400 عام، ومخطوطات نادرة ونفيسة، وكتاب القانون لابن سينا مطبوع عام 1593، وطبقات ابن سعد، وكتاب سيبويه، ونسخة نادرة لشرح نهج البلاغة، ومعرفة أصول الحديث للحاكم النيسابوري، ومنطق الفارابي، ونسخة نادرة من القرآن الكريم، ونسخة من القرآن مخطوط على رق الغزال بالخط الكوفي، فضلاً عن كتاب الأنساب في خمس مجلدات، يختص بأنساب العلويين وهو نادر وفريد، ليس له مثيل. وهذه النفائس جاهزة للعرض في حال إنشاء متحف للمخطوطات في محافظة النجف الأشرف ولا بد من توجيه دعوة إلى حكومة العراق والمعنيين في محافظة النجف الأشرف لرعاية المخطوطات، كونها تراثًًا علميًّا عالميًّا، من خلال إنشاء (مشفى الكتاب والمخطوطات) بغرض الحفاظ عليها وترميمها، وكذلك إنشاء (المتحف العالمي للمخطوطات النجفية)، وجعله صرحًا يتناسب مع مكانة النجف العلمية والثقافية، وجامعة يقصدها الباحثون من شتى أنحاء العالم، فضلاً عن شراء المخطوطات أو إعادة المسروقة منها، وهذا ما يجعل متحف المخطوطات العالمي "مدرسة متنوعة تخدم الإنسانية".