أعلنت السوق المالية السعودية قبل أيام نيتها تطبيق آلية المعدل السعري لآخر 15 دقيقة قبل الإغلاق بدلاً من الآلية الحالية التي تعتمد سعر الإغلاق على أساس آخر صفقة عادية (آخر صفقة منفذة تزيد قيمتها على 15,000 ريال)، وذلك بدءًا من 13 إبريل 2014م، بهدف زيادة كفاءة السوق، والحد من احتمالية التأثير على أسعار إغلاق أسهم الشركات المدرجة كما جاء في الإعلان الرسمي، وهو بالتأكيد قرار سليم، سينعكس إيجاباً على السوق المالية السعودية كما سنرى ذلك قريباً، والله أعلم. هنا يجب أن نلاحظ أن القرار تم اتخاذه وإعلانه من قِبل السوق المالية السعودية (تداول)، وليس من هيئة السوق المالية؛ لأنه قرار معني بتداولات السوق نفسها، وهذا طبيعي، إلا أنه في رأيي الشخصي تأخر كثيراً؛ إذ إنه سبق لمسؤولي السوق المالية السعودية الذين نكنّ لهم كل احترام وتقدير أن عرضوا علينا (أنا ومجموعة من الإخوة المحللين) المقترح نفسه قبل نحو 5 أعوام في اجتماع خاص لأخذ آرائنا واقتراحاتنا. وما يؤكد تأخير القرار أن الفترة الفاصلة بين استطلاع آراء العموم وإعلانه استغرقت ما يقرب العام كاملاً. وأعتقد أن الجميع سيتفق معي في أنها فترة زمنية طويلة. بشكل عام، أعتقد أن الآلية الجديدة لن تغير كثيراً من خارطة التداولات في السوق، لكنها ستحد كثيراً من التحكم في أسعار إغلاق أسهم الشركات كما هو معمول به في بعض الأسواق المالية الخليجية (التي سبقتنا في تطبيق هذه الآلية منذ سنوات طويلة)، إلا أنها لن تمنع من التحكم في أسعار الإغلاق بشكل تام، وخصوصاً أسهم الشركات ذات أحجام التداول الضعيفة التي يسهل التأثير بها أو أسهم الشركات التي لا تشهد تداولات في آخر 15 دقيقة (وإن كانت قليلة). لذا أستطيع القول إن الفائدة المرجوة من الآلية الجديدة ستتركز تحديداً في أسهم الشركات التي تشهد أحجام تداول عالية أو تذبذبات سعرية قوية. وحتى نحقق الاستفادة القصوى من الآلية الجديدة، كنت قد اقترحت أن يتم توسيع النطاق الزمني في احتساب المعدل السعري ليصبح آخر ساعة أو آخر ساعتين، أو ربما جلسة التداول كاملة، بدلاً من آخر 15 دقيقة فقط، وعندها سيتم التضييق تماماً على أي محاولات للتحكم في أسعار الإغلاق. فمثلاً، إذا أراد مضاربون أن يتحكموا بسعر سهم شركة تعتمد الآلية الجديدة خلال «الجلسة كاملة» فبلا شك سيحتاجون لفترة زمنية «مضاعفة» للوصول إلى السعر المستهدف إن كان صعوداً أو هبوطاً، وهذا بدوره سيجبر أسعار الأسهم على أن تتحرك بعقلانية أكثر، وربما سيصبح من النادر أن نرى أسعار أسهم شركات تغلق بالنسب القصوى.