منذ صدور الدستور العراقي الذي كتبت مسودته بأيدي مختصين من اليهود الصهاينة المرافقة لحملة الغزو الأنكلو أمريكي للعراق وعرضها السفير بريمر لإعادة الصياغة باللغة العربية وبأيدٍ عراقية. وقد جاء في إحدى فقرات هذا الدستور الغريب والأعرج أن شكل الحكم الجديد (فيدرالي اتحادي ديمقراطي)، وبحثت في كل أشكال الديمقراطيات في العالم فلم أجد أي مشتركات من التشابه والتكامل مع هذه الديمقراطية المستوردة لشعب العراق مع الغزو الأنكلو أمريكي فلا الديمقراطية الاشتراكية التي كانت مطبقة في الدول الشيوعية، التي تطبقها الآن الصين وكوريا الشمالية وكوبا فيها تشابه غير الاسم، ومختلفة أيضاً عن الديمقراطية الموجهة التي كان يطبقها الثلاثي تيتو ونهرو وسوكارنو، وبعيدة كل البعد عن الديمقراطيات الرأسمالية الحديثة التي تمارس الآن في أمريكا والاتحاد الأوروبي!! تطبيق الديمقراطية لا يعني العصا السحرية التي تحول النظام السياسي نحو المثالية السياسية ورضاء الشعب عن تطبيقاتها، ومن وجهة نظري المتواضعة أن المهم ليس شكل النظام السياسي المطبق بل نتائجه الإيجابية المنعكسة على أبناء ذلك الشعب وتحقيق تطلعاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفرض سلطة القانون واستقلالية القضاء وعدالته واحترام مبادئ حقوق الإنسان وإطلاق حريات الرأي والتفكير والاعتقاد والتسليم بأحقية تبادل السلطة. فلو أنزلنا مبدأ سريان سلطة القانون على الجميع فلم نجد في ديمقراطية المالكي إلا تسمية كتلته المتنفذة الحاكمة (دولة القانون) التي تحمل كذباً هذا الاسم الإنساني فالقانون وسلطته مسخرة لرغبات القائد العام للقوات المسلحة ومنافع مجموعته الحزبية.. أما شعب العراق فلهم منه الخوف والظلم والتنكيل والتعذيب والتصفية الجسدية وتسخيره بشكل وحشي نحو الحقد والانتقام الطائفي حتى تصل لدرجة الإسقاط السياسي. وقد أشرك المالكي والأسد بتوجيه الجيش حماة الوطن نحو مدن الوطن تخريباً بقصف مدفعي عشوائي لا يفرق بين الأطفال والنساء والشيوخ المقعدين وتهجير أهاليها بفزع وخوف من المستقبل المجهول كما يحدث حالياً لأبناء الأنبار الصابرين من قصف مدفعي مستمر، وبلغ عدد المهجرين قسراً أكثر من نصف مليون إنسان يعيشون عذاب اللجوء في بلدهم، وتحت ظروف نفسية ومعيشية قاسية، وكان الهدف المعلن لهذه الحملة العسكرية مكافحة إرهاب القاعدة وداعش ورحبنا جميعاً عرباً وعراقيين بهذه الخطوة الوطنية لإنقاذ شعب العراق من الإرهاب وإجرامه في صحراء الأنبار، ومع انعكافه نحو ساحات الاعتصام الشعبي بشعارها المعروف سلمية وعدالة المطالب وتوجيه النار المعتدية وبوحشية نحو المعتصمين ومداهمة منزل النائب الثائر الأسير الدكتور أحمد العلواني واغتيال شقيقه الشيخ سلمان (رحمه الله). أما مبدأ حرية الرأي والتفكير وحقوق الإنسان والعبادة فالقاعدة المطبقة في ديمقراطية المالكي هي تسخير وسائل الإعلام الوطنية وتحويل فضائيتها الرسمية (العراقية) بوقاً دعائياً تمجد بإنجازات القائد (الحجي) وكتلته الحزبية مخالفاً الدستور الذي يحدد نشاط هيئة الإعلام لخدمة الدولة العراقية وبكل مؤسساتها المتعددة وجعلت الحكومة المالكية من قانون الإعلام والنشر سيفاً مسلطاً على رقاب من يعارض الحكومة ورئيسها وتكميم أفواه من يكشف فسادها المالي والإداري وأغلق الكثير من الفضائيات المعارضة وكان آخرها الجريمة الإعلامية بإقامة دعوى قضائية ضد قناة البغدادية الوطنية لكشفها قضايا فساد في صفقات السلاح الروسي والإيراني والمقاولات الوهمية، وهذا الخطأ السياسي والإعلامي للمالكي يؤكد جهل المالكي كلاعب سياسي فيما يسمى بالعملية السياسية، وذلك بخلق عداوات جديدة نحو مؤسسة إعلامية مؤثرة على اختيارات الناخب العراقي، وتحويلها ضد قائمته الانتخابية مع قرب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في نهاية أبريل المقبل، ويدخلها وحيداً دون ناصرية من باقي الكتل، بعد أن أصبح عدواً لكل الكتل والأحزاب الأخرى حتى كتلة التحالف الوطني التي جاءت به وبضغط إيراني لعلاقتهم المباشرة بها رئيساً للوزراء، وهو الآن في حالة خلاف معهم جميعاً وتمسكه المطلق بالسلطة يعكسه عملياً سعيه المتفاني نحو ولاية ثالثة لعهده المرفوض شعبياً وإصراره بالمطالبة بولاية ثالثة وحصرها موروثاً مطلقاً لشخصه وحزبه الحاكم. ويحاول المالكي تجيير أزماته التي عرف بها عهده صوب الجوار العربي للعراق، بتوجيه التهم الملفقة بادعاء التدخل بالشأن العراقي وتصدير الإرهاب لتخريب العملية السياسية، خشية من تصدير ديمقراطية نحو شعوبها، إنه المضحك المبكي لواقع السياسة العراقية وصنوف رجال الحكم فيها، ويعلم المالكي أو لا يراد له أن يعلم أن الجوار العربي يشكل العمق الإستراتيجي للعراق الشقيق الذي نتمنى ونسعى أن يكون موحداً ويشمله الأمن والأمان من الفاو حتى دهوك ومستقلاً بقراره السياسي متمتعاً بثرواته الوطنية ومرتبطاً بعلاقات أخوة وثقة مع بيته العربي الكبير. حفظ الله الشعب العراقي الشقيق وحقق الأمن والاستقرار في ربوعه، وسخر له الحاكم النزيه العادل.