زيارة الرئيس الأمريكي أوباما للمملكة مارس 2014م ليست كما هي زيارته عام 2009م، أمريكا نفسها عام 2014م ليست هي أمريكا قبل عام2010م إبان قيام الربيع العربي، العالم تغير بعد عام 2003م عندما حركت أمريكا قواتها لاحتلال العراق، وقبل ذلك التاريخ عام 2001م حين غزت أفغانستان، أيضاً إسرائيل ليست هي قبل عدوانها على غزة عام 2009م. وحدها روسيا تغيرت إيجاباً بعد احتلالها لجزيرة القرم في أوكرانيا. إذن العالم ليس كما هو بسبب الحروب، فأمريكا اكتشفت أن فاتورة الحرب مكلفة عسكريا واقتصاديا وقد تفقدها هيبتها الدولية، وليس أدل على ذلك من الحرب التي ارهقت اقتصادها وأوشكت أن تكسر ظهر الاقتصاد الأمريكي. أمريكا كانت قبل الربيع العربي عام 2010م ترفع العصا في وجوه الدول العربية حتى قيل إنها تراجع بيان الجامعة العربية، هذا ما كان يقال من مبالغة في تدخل أمريكا في الشأن العربي، الآن العالم العربي تفكك سياسياً لا الزعماء هم أنفسهم ولا اللاعبون هم أنفسهم، تغيرت الوجوه والسياسات وأصبحت أمريكا تتعامل بالجزرة دون (العصاية) بعد ما انتقلت المواجهة مع الشعوب. روسيا احتلت القرم الأوكرانية وهي جزء من أوروبا، بل قضمتها أمام أعين أوروبا الشاخصة دون أن يحرك الاتحاد الأوروبي والأطلسي أي ساكن. إذن أمريكا ليست هي أمريكا بعد حروبها في أفغانستانوالعراق وبعد ربيع العرب والانهيار الاقتصادي، وهذا تحديداً ما يمكن قراءة أحداثه في زيارة الرئيس أوباما إلى السعودية، وموقفها من احتلال القرم، واللغة التصالحية مع إيران، وصمتها على ما يحدث في سورية، كما يمكن فهمه من تحضيرات روسيا للانقضاض على الأراضي الأوكرانية وربما التهامها. حتى إسرائيل ليست هي إسرائيل بعد الربيع العربي، حيث تهادت وانهارت جدران الحماية حول ما تدعيه من حدود مع مصر وسورية ولبنان، فحراس الأمس ممن كانوا يحتمون خلف التفاهمات لم يبق منهم أحد، وبالمقابل نشطت المنظمات الإرهابية على حدود ومدن الربيع العربي. الطريقة الفجة التي احتلت بها روسيا القرم كشفت عن نظام عالمي جديد مختلف عما كان عليه سابقا، فليس العرب وحدهم من يخسر في الربيع العربي بل أمريكا وإسرائيل وإيران، ولذا سارعت روسيا إلى ما تراه من معالجات باحتلال القرم والسيطرة على الاقتصاد والمفاعلات النووية في أوكرانيا وفرضت هيبتها التي افتقدتها بعد تحويلها من دولة الاتحاد السوفييتي إلى روسيا منفردة.