أن تحقق النجاح خلال مسيرتك الكروية هو أمر رائع، وأن يقترن ذلك النجاح الرياضي بنجاح أكاديمي تعليمي فهو أمر عظيم بالفعل يضمن للاعب مستقبلاً مشرقاً خلال حياته، قد تنتهي حياة اللاعب الرياضية بمجرد إعتزاله كما حدث للكثر من المتألقين على الساحة المحلية والعالمية، وقد يواصل اللاعب حياته الرياضية بعد الاعتزال إما كمدرب أو خبير أو وكيل أعمال أو عضواً وربما رئيساً في أحد اللجان أو الاتحادات الرياضية للعبة. فالمؤهلات العلمية والخبرة في المجال الرياضي أحد أهم العوامل الرئيسية لمواصلة تحقيق النجاح وتولي أهم المناصب. أعجبني ما قرأته عن سيمون مينيوليه حارس مرمى نادي ليفربول الإنجليزي عبر صفحات الموقع الرسمي للإتحاد الدولي لكرة القدم، فعندما وصل الحارس البلجيكي إلى إنجلترا ليبدأ مسيرته الاحترافية هناك لم يكن هاجسه الأول الأجر الذي سيتلقاه أو السيارة التي سيحصل عليها، وإنما كان هاجسه الأول خلال المفاوضات التي سبقت انتقاله إلى نادي سندرلاند أين يمكنه إكمال دراسته للحصول على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية، وفي تصريح لصحيفة ديلي ميل، قال مينيوليه الذي يتحدث خمس لغات: «عندما بدأت اللعب، كان والدَيَّ يفضلان أن أذهب إلى الجامعة. نصحاني باتخاذ قراري بحكمة والبحث عن شيء يمكن التوفيق بينه وبين التدريب. كان علي أن أتعلم شيئاً أتسلح به في حال لم تسر الأمور على ما يرام». أن يجد اللاعب شيئاً يمكنه التوفيق بينه وبين التدريبات اليومية في النادي الذي يلعب لصفوفه هو أمر يستحق التوقف من جميع اللاعبين والتفكير خلاله لضمان مستقبل أفضل، وفي الواقع أعتقد أن الأمر ليس حكراً على اللاعب المحترف فقط بل أنه يمتد ليصل جميع من يقرأ هذا المقال. فالموظف والعامل والعاطل أيضاً بإمكانه أن يجد شيئاً يوفق من خلاله بينه وبين عمله ليطور من إمكانياته ويحسن من معرفته وأداءه ويوسع من أفاقه وخبراته ليحقق أفضل ما يمكن تحقيقه خلال حياته. جلين جونسون زميل الحارس مينيوليه لديه تصور مماثل، حيث أوضح في عام 2012 أنه كان يمضي ساعتين في الدراسة يومياً للحصول على شهادة البكالوريوس في الرياضيات. أما لاعب مانشستر يونايتد الجديد خوان ماتا، المقيم بدوره في شمال غرب إنجلترا، فقد ذهب أبعد من جونسون، حيث عكف على التحضير لنيل درجتين أكاديميتين، واحدة في مجال التسويق والأخرى في العلوم الرياضية، وقال ماتا لموقع فيفا: «إنه صعب ولكنه ليس بالمستحيل. أنا أحب عالم التسويق والدعاية والتكنولوجيا الجديدة. وليس هناك من سبب يجعل ممارسة كرة القدم غير متوافقة مع القيام بأشياء أخرى». قيامنا بشكل عام (واللاعبين بشكل خاص) بالبحث عن شيئ يتناسب مع أعمالنا هو أمر إيجابي يمكن من خلاله أن يقضي اللاعب المحترف على وجه التحديد على كل أوقات فراغه والتي من شأنها أن تدمر مسيرته الكروية إما بالسهر واللهو أو بالجلوس في المنزل دون ضمان مستقبل مشرق. واستفاد مانويل بيليجريني مدرب مانشستر سيتي من شهادة الهندسة التي حصل عليها عندما كان لاعباً بالتحديد مع نهاية مسيرته الاحترافية، ليتجه بعد ذلك لعالم التدريب وينجح في تأمين مستقبله وبدخل مميز لم يكن يحلم به عندما كان لاعباً. أرسين فينجر مدرب نادي أرسنال هو الأخر إستفاد من شهادة بكالوريوس الاقتصاد والتي حصل عليها عندما كان لاعباً لنادي ميلوز الفرنسي ليتولى مهام الإشراف الفني على أرسنال لسنوات طويلة نجح خلالها من توفير الكثير من الأموال في خائن النادي الانجليزي والذي لم يفكر يوماً بالتخلي عن كنزه الثمين وخبيره الفني والاقتصادي. روبيرتو مارتينز مدرب أيفرتون تخرج من كلية العلاج الطبيعي عندما كان لاعباً في صفوف سرقسطة، وأندرياس أينييستا نجم نادي برشلونة يدرس حالياً علم الأحياء في شعبة العلوم الرياضية، والأسطورة البرازيلية سقراطيس حاز على شهادة الدكتوراه في الطب ليمارس مهنة الطب في بلدة ريبيراو بريتو البرازيلية عندما اعتزل في عام 1989. فالأمثلة كثيرة رغم صعوبة المهمة ولكنها كما قالوا جميعاً بأنها ليست مستحيلة.