بات من الواضح أن الرئيس بوتين، سليل امبراطورية الاتحاد السوفييتي، وأحد جنود مخابراتها الرهيبة (الكي جي بي)، لا يقيم وزنا للعالم الغربي الحر، وربما أن من حسن حظه، وحظ الاتحاد الروسي أن صعود روسيا على المسرح العالمي توافق مع وجود زعامات غربية ناعمة في تعاملها مع الخصوم، يأتي في مقدمتها بالطبع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وديفيد كاميرون، ويلحظ المتابع أن بوتين نفذ مخططه في جمهورية القرم، دون أدنى اعتبار لصراخ ساسة الغرب، وربما أن ما ساهم في قراره الإستراتيجي، وهو ما يخفى على كثيرين، أن جمهورية القرم تعتبر، تاريخيا، قطعة من الأرض الروسية، ومن ثم أهداها الزعيم السوفييتي، نيكوتا خروشوف لأوكرانيا، قبل عدة عقود، كهدية من زعيم الاتحاد السوفييتي حينها، أي أنه منح قطعة أرض من جمهورية روسيا، لجمهورية أوكرانيا، وكانت هاتان الجمهوريتان جزءا من الاتحاد السوفييتي حينها، ومن المؤكد أنه لم يخطر في بال الزعيم أن الاتحاد السوفييتي سيتفكك، وأن الأمور ستبدو كما هي عليه الآن!!. هنا نتساءل، هل حقا فات على زعماء العالم الحر أن يدركوا أنه لا يمكن لزعيم روسي أن يسمح لدولة في حديقته الخلفية بالانضمام للمعسكر الغربي، فهل، يا ترى، كانوا يتوقعون أن يستسلم بوتين للأمر الواقع؟!، ثم لماذا كل هذا التصعيد مع روسيا، فالمتابعون يؤكدون أن روسيا، بزعامة بوتين، لا يمكن أن تتخلى عن القرم، حتى ولو كان ثمن ذلك حرب لا تبقي، ولا تذر، خصوصا وأن بوتين من أشد المعجبين بالزعيم ستالين!!، ومن المؤمنين بإمكانية عودة الإمبراطورية العظمى (الاتحاد السوفييتي)!!، ويؤكد خصومه الغربيون من أعداء الشيوعية، أنه لن يكتفي بضم القرم، بل سيواصل أطماعه التوسعية!!. هنا أقترح أن تتابعوا أخبار قناة فوكس نيوز الأمريكية، اليمينية العنصرية، فهي تتحدث عن هذا الأمر، وكأننا نعيش في أعتى عصور الحرب الباردة، وقد ذكرني بعض معلقيها بالسيناتور، جوزيف مكارثي، أثناء حربه الشعواء على الشيوعية، والشيوعيين في الولاياتالمتحدة، في خمسينات القرن الماضي، وقد كانت فرصة ألماسية لا تعوض لهؤلاء اليمينيين للهجوم على الرئيس أوباما، رغم أنهم يكرهونه من منطلقات عنصرية بحتة، حتى قبل قضية أوكرانيا!، وقد بالغ أحدهم، وقال إن أمريكا نفسها في خطر!!، وهنا نتمنى أن يكون التصعيد الغربي ضد روسيا، في أمر محسوم، هدفه المقايضة ليس إلا، أي أن تتم مقايضة بوتين على السماح له بضم جمهورية القرم لروسيا، في مقابل رفع يده عن سوريا، تمهيداً لحل نهائي للأزمة السورية، وتظل هذا أمنية تبدو بعيدة المنال، في ظل الأوضاع الراهنة!!.