عرقلة المشاعر وتناغمها تستبين أثناء توافق الليل مع الشعور الجياش، فكل لحظة متمكنة من إقصاء الحقيقة والخيال في قالب وجداني تصبح قادرة على الاتران تحت هدنة الليل، وأول عصفور ينتشي في الصباحات المكررة. على اعتقاد ماضٍ أن الشعر يأتي خلسة أحياناً، ويأتي متعدد الأوجه أحياناً أخرى، وقد يأتي بشكل لافت، ومتنافر إذا قاربنا بشكل سريع بين زمن الفكرة والتنفيذ، حينئذٍ يتحور النص إلى أمر غير استثنائي بعد أن يبدأ اختلاف اللفظة مع صوتها الأصيل، وتُظلم تلميحات كادت أن تأخذنا إلى عمق طويل وظاهر للقارئ الحرّ. الصوت الذي يخلق لنا جمالية سليمة، وامتيازا فائضا، قد تساوى بين القيمة والوزن والعلو، لابد أن يجد أن الخلود له سبيلاً ولو بعد حين، لأن الشعور المزيف الذي يجسد الشعر الركيك باعتبار خاطئا أن الشاعر لابد أن لا يتوانى عن تقديم الكثرة وخلق الاستشعار الكاذب لاستمرارية التوهج واحتكار القبول المتعدد. إرادة الأوقات التي نظن أنها فد تؤدي دوراً منصفاً في إفشاء الأفعال السلسلة واستدراج السمات القابلة لتكوين الشعر الأخاذ دون استمالتها باحتفاء معلن، ودون التنبؤ أيضاً بأنها لا ترضخ لقاعدة دائمة لا تثري إطلاع المتذوق عليها، تعمل على ترتيب الأفكار الصاعدة واتخاذ الأولويات الرقيقة حتى يتم تجديدها في قصيدة مختلفة. استخلاص القصيدة من أمكنة فاتنة وبالطرق التي لا تتناقض مع الأحداث المتزامنة معها، دائماً يجدد في إبراز أحقية الادعاء على أن الشعور يحرك مجالات النص الشعري، إذ لا بد لنا من معرفة القدرة الراهنة، والتقاط الصور على نسق ملائم، والمبادرة بتنقيح الظروف القائمة على القصيدة والتروي أيضاً في استجداء المكان الحتمي الذي يوجب الاستحقاق التام.