إذا أردت التقدّم بنجاح وسط الظروف الاقتصاديّة الراهنة، فلا بدّ أن تفكّر في المدى الطويل. وفي كتاب حول قطاع الفنادق حقّق نسبة مبيعات مرتفعة، بعنوان «رؤوس في أسرّة» Heads in Beds، يتناول جيكوب تومسكي مرحلة شبابه وكيفية عمله في مجال ركن السيارات، وغيره من الأعمال التي لا تتطلب مهارات. وقد ساعده البقشيش على جني مبالغ طائلة – مع أنّ فرص تقدّمه لم تكن كبيرة. وعندما تقدّم لملء منصب إداري، اضطر إلى اتخاذ قرار صعب، لأنّ دخله كان سيتراجع على المدى القريب، مع أنّ آفاقه المهنية الطويلة الأمد كانت ستشهد تحسّناً ملحوظاً. وهو في النهاية قرّر الانتقال إلى قطاع الخدمات، إلاّ أنّ محنته تسلّط الضوء على نقطة هامة. ما يحصل هو أن التقدّم المهني الملحوظ، من النوع الذي قد نرغب في رؤيته، لا يأتي إلا عندما نقرّر الاستثمار في مسيرتنا المهنية، استثماراً يتطلّب في معظم الأحيان قدراً من الانزعاج على المدى القصير، وشعور بأنّك تخطو خطوة إلى الوراء. ومن الضروري أن يضع المرء كبرياءه جانباً متى قرّر إحراز تقدّم في مسيرته المهنيّة. وفي كتاب ألّفته بعنوان «إعادة ابتكار ذاتك»، كتبت عن السيرة الذاتيّة لمسؤولة تنفيذية ناجحة تقاعدت في مجال الموارد البشرية، تدعى ديبرا شاه. وهي امرأة تمتلك عقوداً من الخبرة. ولكن عندما أصبحت مهتمة بالحملات السياسية، أبدت استعدادها للانطلاق من الصفر. وقد أظهرت شاه مستويات كبيرة من الفعالية والموثوقية عبر الهاتف، حتى أن منظّمي إحدى الحملات طالبوها بتولّي منصب مديرتهم الميدانية الإقليمية، ما سمح لها بالانطلاق في مسيرة مهنية جديدة. ومن الضروري أن يحتسب المرء التكاليف التي ستترتّب عليه، متى قرّر استغلال فرصة ما. وفي هذا الإطار، سأروي قصّة صديقة لي تعمل في مجال الاستشارات، أمضت أشهر على بناء علاقات، وإجراء بحوث، وإعداد اقتراح تعاون مع الأممالمتحدة. ولا شكّ في أنّ العمليّة كانت بطيئة. وفي حال لم تؤتِ ثماراً، لاعتُبِرَت هدراً كبيراً جداً للوقت والمال. ولكنها بدت مستعدّة للمخاطرة، لأنها عرفت أنها ستنجح في استقطاب منظمة راقية إلى هذا الحد إلى قائمة عملائها، ما سيسمح بتعزيز سمعة شركتها إلى حدّ كبير. ومن المعروف أنّ ثمن الفشل باهظ - فهو يكلّفك وقتاً، وسمعةً، ومالاً. ولكن مع الوقت، تتحوّل الرغبة في استغلال الفرص إلى استثمار في نجاحك المستقبليّ. وإن أردت المضي قدماً في مسيرتك المهنية، فسيساعدك توجيه على المدى الطويل، مرفقاً برغبة في طمس كبريائك، وبفهم خياراتك بوضوح على إحراز تقدّم، حتّى لو تبيّن – مؤقتاً – أنك تسير إلى الوراء.