رغم كل التداعيات السلبية في الأزمة السورية، التي بسببها ترك الشعب السوري يواجه مصيرًا مؤلمًا في مواجهة نظام جائر وشركاء له تجرَّدت قياداتهم من أيّ إحساس بالإنسانيَّة وتحجرت ضمائرهم، فشاركوا في ارتكاب أبشع الجرائم ضد شعب يحاصره القتل اليومي والتجويع حتَّى الموت والتشريد حتَّى أصبح أكثر من تسع ملايين سوري مهجر خارج مدنهم، منهم أكثر من مليوني مواطن خارج الأراضي السورية. رغم كل ما نراه من مآسٍ وآلامٍ تحاصر الشعب السوري، إلا أن نظام بشار الأسد يواصل تنفيذ إستراتيجية فرض الحلِّ الأمني وقمع الشعب السوري حتَّى يرضخ لمخططات النظام وحلفائه، إِذْ يوشك أن يربط المناطق اللبنانية التي تسيطر عليها مليشيات حسن نصر الله في لبنان بجبال القلمون حتَّى يستكمل تواصل مناطق البقاع اللبنانية بالساحل السوري وتأمين العاصمة السورية دمشق. البداية كانت السيطرة على مدينة القصير السورية التي استعان النظام السوري بمليشيات حسن نصر الله، التي ارتكبت جرائم إبادة بحق أهل القصير، وبعد أن مرَّت تلك الجريمة ودون أدني اعتراض ممن يسمون أنفسهم بدول العالم الحر تكرّرت الجريمة وهذه المرة في مدينة يبرود في جبال القلمون ولأن المعارك في يبرود كانت شرسة وقوية فلم يكتف بمليشيات حسن نصر الله، بل بدعمها بمليشيات الطائفية العراقية من فيلق بدر أو أبي الفضل العباس لتتحول معركة يبرود إلى معركة طائفية صرفة، حيث تدفق المقاتلون الطائفيون من لبنان والعراق، بالإضافة إلى جنود نظام بشار الأسد، الذين ينتمون إلى مكون طائفي واحد، ولأن المجاهدين في يبرود من كتائب الجيش السوري الحر لم يجدوا أيّ مساندة ولا أيّ دعم عسكري فقد تهاوت المقاومة الشعبية في يبرود بدءًا باستيلاء نظام بشار الأسد والمليشيات الطائفية على التلال المحيطة بالمدينة، وبعد أكثر من شهر على حصار المدينة التي تلقت مئات الغارات الجويَّة بطائرات الميج العسكرية والبراميل المتفجرة، أمكن للتحالف الطائفي دخول مدينة يبرود، حيث وصلت قواتهم إلى قلب المدينة عند «دوار الشواية» ليكشف هذا التقدم والاستيلاء على يبرود وضمها إلى القصير هشاشة الدعم والادعاءات الغربية التي وعدت دولها «دول الغرب» بتقديم دعم للجيش السوري الحر، الذي ظلَّ يقاوم أكثر من شهر بانتظار وصول السلاح والدعم ولكن لا تزال ضمائر الغرب تغط في النوم، ووجدت عذرًا لها بعد انشغالها في أزمة أوكرانيا التي تُعدُّ نتيجة لما لمسه الروس من تراضٍ وحتى «جبن» من الغرب والأمريكيين فشجَّعهم على الاستيلاء على القرم وربما الذهاب إلى أكثر من ذلك بعد أن تيقنوا أن ساكني البيت الأبيض يفضِّلون إطلاق الأقوال دون تنفيذ الأفعال، مثلما أوصل الروس القرم بأراضيهم، نجح حسن نصر الله بربط القلمون بالبقاع لتوسيع دويلته الطائفية التي أصبحت مترابطة من الضاحية الجنوبيَّة لبيروت مرورًا بالبقاع ويبرود والقصير ودمشق حتَّى اللاذقية.