الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«محمود ود الحلال»
قصة قصيرة

«ما فيها ميتة» - أي ما عندك حاجة لله. فتُدخل يدك في جيبك، وتناوله قرشاً؛ فيطير فرحاً؛ كأنما حاز الدنيا بحذافيرها، ويصيح بأعلى صوته:
- «أنا شين، أنا كعب، أنا كاكا»، وينطلق كالريح مسروراً.
كان يعملُ حَجَّاراً (يدق الحجر، ويقوم بصيانته) في طاحون القرية، وكانت كل زينته في هذه الفانية «عراقي» دمورية تحسبه «خيشة» معفرة بالطحين، وسروال قصير كأنه «مخلاية علوق».
وجهه ليس مدوراً ولا بيضاوياً، كثير النتوءات. شعره «مجعد، ومفرق في شكل عقد صغيرة، كثقوب المنخل».
عيناه ضيقتان صغيرتان محمرتان، لا ترى لهما رموشاً.
حاجباه متعرجان أملسان، وأذناه صغيرتان، لهما قدرة فائقة على التقاط الصوت ولو كان همساً.
كان كثير المزاح خاصة مع النساء، فإن قابل إحداهن في الطريق، وكانت فتاة، داعبها وقال: «إتي بعرسوك متين، البنات كلهن عرسوهن، ما فضلت إلا إتي (أنتِ) آآآ البايرة»؛ فتضحك وتقول له: «أنا ما دايره لي عرس، لكن إتَّا (أنتَ)، خلاص كبرتَ وعجزتَ، ولِسَّه ما (عرستَ)»؟! يضحك محمود ضحكته المميزة ويصيح: «هاه.. قالت أنا عجّزت، والله حكاية، أنا شين، أنا كعب، أنا كاكا».
كان صديقاً للمعلمات بمدارس القرية، وكن يجدن في مزاحه متعة وسلوى، خاصة اللائي فاتهن قطارُ الزواج، فكان يمازحهن ويقول: - «إتي يالسمحة بتعرسيني»؟؛ فتضحك وتقول: - «هو أنا لاقية زيك وين»؛ فينبسط ويصيح كما يصيح الزين «حظك يا محمود، بت عبد اللطيف قالت بتعرسك، أنا شين، أنا كعب، أنا كاكا».
كان يحسب لآخر الشهر ويعد له عداً، وقد اعتادت المعلمات تخصيص مبلغ له نهاية كل شهر.
وكان مهتماً بنقل أخبار القرية؛ فتسمعه يصيح أن فلاناً عاد من السفر بعد طول غياب، (وفلانة خطبوها لفلان)، البارح الحرامي سرق بقر حاج عبد الله، وقالوا صرف المزارعين يوم الخميس، وناس أُمْحُمَّد ود حاج أحمد رحلوا في بيتهم الجديد.
وفي المساء، عندما يكون رائق المزاج، يأتيك صوته الغريد تحمله نسمات الصيف الباردة؛ فيطربك ويشجيك بأغنية: «أحرموني ولا تحرموني سنة الإسلام السلام»؛ فيدهشك جمال صوته وعذب أغانيه خاصة أغاني الحقيبة (الشعبية) التي يحفظها عن ظهر قلب.
وكان يسقي الناس من ماء النيل إن أصاب وابور القرية عطل، فتراه حاملاً صفيحتي «الجوز» على كتفه فيرويهم.
وكان أكثر الناس حفظاً للسانه عندما يهل شهر رمضان، فلا تسمع له صوتاً، فيترك المزاح، ويصوم بكل جوارحه، وكان يصوم قبل الناس بيوم.
وذات صباح لم يسمع الناس صوت محمود؛ فانزعجوا. لم يمضِ وقت طويل، وعلا صوت القرية بالبكاء والصراخ والنحيب وقد بلغهم خبر موته، وقد صدمته سيارة رعناء كانت تسير بسرعة كالسهم فأردته قتيلاً، وحرمت الناس من رجل محبوب كان يرسم الابتسامة على شفاه الناس بمزاحه وعذب حديثه وجمال صوته، وأفل نجم كان يُعَدُّ رمزاً من رموز القرية الخالدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.