في عالم الأعمال اليوم ينجح من يدرس الفرص جيداً ويقتنصها قبل غيره، وقد بدأنا نشاهد ذلك كثيراً في قطاع تقنية المعلومات، حيث هناك تحركات لاستحواذ شركات عالمية كبيرة لشركات مرموقة صغيرة، والسبب يعود لقراءة مستقبل تلك الشركات الصغيرة، وإدراكاً من الشركات الكبيرة أنها في مرحلة التشبع في السوق مما يتطلب منها التنويع والدخول في أسواق جديدة واستهداف عملاء جدد لكي تستمر في السوق. الأسبوع الماضي أعلن عن صفقة استحواذ كبيرة، حيث قامت شركة الفيسبوك بالاستحواذ على شركة الواتساب والتي لم يتجاوز عمرها 4 سنوات. الخبر كان مفاجئاً لمعظم وسائل الإعلام العالمية والمحلية، حيث إن قيمة الصفقة كانت كبيرة بمبلغ ضخم 16 مليار دولار إضافة إلى 3 مليارات دولار أسهم مقيدة للموظفين. ومكمن الغرابة أن الواتساب شركة صغيرة أسسها في عام 2009 كل من الأمريكي براين اكتون وزميله الأوكراني جان كوم اللذين كانا يعملان في شركة ياهو، ويعمل فيها حالياً 55 موظفاً فقط. وفي نظر المحللين أن ما دفع فيسبوك إلى تلك الخطوة هو المستخدمون، حيث تملك الواتساب 450 مليون مستخدم نشط شهرياً، ومنم 70% نشطون يومياً، ومعدل نمو المستخدمين سريع لدرجة أن هناك مليون مستخدم جديد يسجل في الخدمة. وبمقارنة نمو مستخدمي الواتساب لوجدناه تقريباً ضعف سرعة فيسبوك نفسه، في حين أن فيسبوك خلال السنوات الأربعة الأولى من عمرها لم يتجاوز 150 مليون مستخدم. وهدف الفيسبوك من هذه الصفقة هو الوصول الى شريحة الشباب التي تمتلكها الواتساب والتي تشمل مستخدمين في كل أنحاء العالم، يضاف إلى ذلك أن الواتساب متاح على أجهزة الهاتف المتنقل وهذا ما كانت الفيسبوك تسعى إليه كثيراً. والفيسبوك بتلك الخطوة تشتري مستقبل الهواتف الذكية بمختلف أنظمة تشغيلها، حيث يقدر أن هناك نحو مليار هاتف ذكي في العالم، ويتوقع أن يصل الرقم إلى خمسة مليارات هاتف خلال السنوات القادمة. في تصوري أن مثل هذه الصفقات تقدم دروساً رائعة في إستراتيجيات التسويق الناجحة لكل شركة قائدة في السوق، وتؤكد أنه عليها دائماً التجديد ودراسة المنافسين جيداً، وحتى لو كانوا أصغر منها كثيراً، فالوقت كفيل بأن يتفوق الصغير على الكبير.