الحاصل الآن في موسم العجائب بدأ في تغيير مفاهيمنا في كيفية إدارة المنظومة الرياضية لدينا، فالجميع بلا استثناء من مسؤولين وإعلاميين أو حتى مشجعين أصبحوا يتناولون الشأن الرياضي بهدف تدميري مقيت يسعى كل طرف فيه لتدمير الآخر وليس التغلب عليه في نزال تنافسي طبيعي. فبعيداً عن رأيي الشخصي في ما قدّمه سامي الجابر هذا الموسم من عمل فني مع الهلال، إلا أن ما وقع عليه من ترصد و هجوم وتقريع في كل تفاصيل مسيرته شيء لا يصدّقه عقل! منذ متى ونحن نتحدث عن ملابس المدرب؟ وقصة شعره؟ وطريقة احتفاله بهدف؟ وكيفية جلوسه ووقوفه، أو حتى صمته؟ هي سابقة تاريخية لم ولن تتكرر أفرزتها عدة عوامل تصب في إذكاء نيران كل معسكر بطريقة مختلفة. فمجرد تولي سامي للتدريب فجَّر في دواخل كارهيه كل فنون محاولات الإسقاط والإفشال، وأعمى في الطرف الآخر عيون محبيه (كلاعب) عن الأخطاء والنواقص والسلبيات (كمدرب) بدأ في شق طريقه في عالم مليء بالتحديات والصعوبات. الموقع الضعيف جداً من إدارة الهلال بحماية فريقها ثم مدربها الذي راهنت عليه، جعل من الطرفين لقمة سائغة لإعلام جعل من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة (مهما كانت دناءة تلك الوسيلة) شعاراً. و من الميول تشريعاً للتجني. ومن المنافس (مرمىً) لسهام مسمومة لا تتوقف إلا بانقطاع أنفاسه من مجاراة كمية الحقد والتجني. لماذا كل هذا الصمت الذي أصم آذاننا؟ من المستفيد من كمية التجاوزات التي لم نشهد لها مثيلاً من قبل؟ هل هو تقاعس مسؤول؟ أم ضعف إداري؟ أم بجاحة مشجع استغل المنابر لينفث سمومه في جسد رياضة وطن؟ إن كان أحدها هو السبب، فالضرب بيد من حديد عن طريق الإبعاد هو الحل الأمثل. وإن كانت كلها مجتمعة تحت مباركات خفية، فلنرفع الرياضة البيضاء ونقول: (فعلاً، كرة القدم هي أفيون الشعوب). (لنرتقِ) اختلط على العديد منا مبدأ التجاوز عن الزلات غير المقصودة، بمبدأ تقبّل الإساءات من السفهاء كدعوة لزيادة الإذلال والتخريب وترك الساحة خالية للعابثين بلا حسيب أو رقيب ليترسخ في أذهان الجميع أن (الغلبة للأقذع). قال لي أحد الزملاء (من الذين رزق قلباً كبياض الثلج) يوماً: (إذا قام طفل بصفع رجل كبير، فهل يرد له الصفعة؟) فأجبت سؤاله بسؤال آخر: (السؤال الذي يجب أن يطرح هو كيف تجرأ هذا الطفل على صفع هذا الكبير؟ والأهم من ذلك، كيف يقبل هذا الكبير بتكرار الصفعات دون أن يحرك ساكناً) يجب علينا أن نعيد الأمور لنصابها، ونسمي الأسماء بأسمائها دون خوف أو وجل. فالفقير لا يشكر على تقشفه، والشخص الضعيف مسلوب الإرادة والحقوق لا يثنى على تسامحه في حق من أساء إليه أو استولى على حقه. من يخطئ (جهلاً) يجب أن يردع بمقدار الخطأ لكي لا يعود إليه. ومن أساء مع سبق الإصرار والترصد يجب أن يكون عبرة لمن يعتبر. فتجاهل رد الإساءات المتكررة هو هروب من المواجهة. والتغاضي عن حقوقك المسلوبة هو ضعف محض وإن حاولنا تجميله بعباراتٍ مثل: (لنرتق) أو (لنترفع عنهم). فمن يلبس ثوباً أبيض ويخشى عليه من الاتساخ، فيجب عليه عدم خوض الساحات التي تمتلئ وحلاً. لنرتقِ جميعاً ونخرج كل خبيث من رياضتنا. لنرتقِ ونقول للمسيء أسأت. لنرتقش ولنعطِ أنفسنا قدرها ومكانتها ونضع بينها وبين عبث الأطفال حاجزاً من الرهبة والاحترام والخوف من القانون للتوقف موجة الصفعات. بقايا... - العنصرية مقيتة بكل أشكالها وألوانها، وتزداد قبحاً عندما توجه لشخص بعينه من شخص معلوم الهوية والمكانة والخلفية التاريخية لما قدَّمه ولا يتم تحريك ساكن تجاهه. هل هي مباركة لفعله أم أن الضحية تستحق ما آذاها؟ - سيتم توقف المنافسات الكروية لدينا لمدة تقل عن الشهر بقليل، بسبب لقاء (تحصيل حاصل) للمنتخب. لا تعليق! - حكامنا يسيرون بمنافساتنا للهاوية بمباركة اتحادنا الموقر. قلناها سابقاً، لا تراهنوا على من لا يستحق الرهان. - كأس الملك للأبطال هو الفرصة الأخيرة للهلال بالخروج هذا الموسم ببطولة تخمد القليل من نيران غضب أنصاره. فهل يستشعر الفريق والمدرب والإدارة أهمية الموضوع؟ - (حسم النصر للقب الدوري سيكون أمام الهلال) ما أجمله من حلم لدى النصراويين، وما أقساه من كابوس لدى الهلاليين. خاتمة... لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم (المتنبي)