توافينا «الجزيرة» بأخبار عن الدفاع المدني والجهود التي يقوم بها أثناء السيول والحريق وأقول: إنه من المتعارف عليه أن أي دولة في العالم، سواء كانت متقدمة أو نامية، يكون من أولويات مهامها إنشاء وحدات الدفاع المدني التي تشكّل بعد الله خط الحماية الأول من مشاكل الحرائق. وآليات الدفاع المدني تتميز عادة بألوان مختلفة، فإما أن تكون باللون الأحمر المشع، أو اللون الفستقي المائل للاخضرار؛ لكي تستدل عليها المروحيات التي يشارك بها الدفاع المدني في إطفاء الحرائق. والحرائق - كفانا الله وإياكم من شرورها - لا تعرف دولة متقدمة ولا دولة نامية، حتى لو كانت احتياطات السلامة متوافرة ومتفوقة فلا بد من حدوث الحرائق بين الحين والآخر لأسباب عدة، يصعب حصرها. من خلال هذا الطرح أود أن أشيد برجال الدفاع المدني الذين يكفيهم فخراً، إضافة إلى واجباتهم، أنهم يحافظون على سلامة ضيوف الرحمن من خطر الحرائق؛ لأنهم منعوا دخول الخيام القابلة للاشتعال، ومنعوا أيضاً أسطوانات الغاز من دخول المشاعر، كما أن الدعم السخي من مقام الدولة ممثلة في مقام وزارة الداخلية قد وفر مراكز متقدمة ومزودة بالآليات والكوادر البشرية في كل نواحي المدن والقرى في كل محافظات مملكتنا الغالية. والدفاع المدني جهاز خدمي، مثله مثل غيره من الأجهزة الحكومية التي لا تخلو من الملاحظات في طريقة أدائها للواجب أو النقص في الآليات التي يحتاج إليها التعامل مع النيران، مثل السلالم الطويلة أو المروحيات التي يملك قائدوها المهارة الكافية للتعامل مع النيران، وامتلاك أفضل السبل السريعة لإخمادها. ومن خلال هذه المقالة أقول لسعادة المدير العام للدفاع المدني في المملكة إن معظم الأفراد يحتاجون إلى مزيد من التأهيل والتدريب؛ ليفهموا ويستدلوا على مواقع الحرائق في أوقات قياسية، ويفهموا أيضاً الطرق الذكية لإخماد الحرائق بدون ضحايا، لا فيهم ولا فيمن يتعرضون لتلك المصائب التي غالباً ما تكون الوفيات فيها ناتجة من الاختناق السريع، أو الإصابة بالحروق المضاعفة لا قدر الله، أو بسبب العوائق التي تحول بين رجال الدفاع المدني وأداء واجباتهم. لا يوجد أدنى شك في ولاء منسوبي الدفاع المدني وحبهم لعملهم، ولكن إعطاءهم الدورات الخاصة يصقل المواهب، ويعتبر ذلك من الواجبات الحتمية لمثل تلك الأعمال الخطرة. لقد لوحظ أنه عندما يحدث حريق بسيط في إحدى العمائر أو المنازل فإن المنزل يصاب بالضرر نتيجة تراكم المواد الخاصة بإخماد النيران، وفي تلك الأثناء الضرر أكثر من النفع، استناداً إلى ما سبق ذكره. وأهيب بهذه القطاعات (الدفاع المدني، الأمانات والبلديات ووزارة التجارة) أن يكون بينهم تنسيق لاجتماعات اللجان المشتركة لتفقد ما يعرض في الأسواق من الأجهزة التي تباع، ومعظمها سبب رئيسي في حدوث الحرائق في المحال والمنازل والمكاتب وغيرها؛ لأنه من الواجب أن تطبق معايير المواصفات والمقاييس الخاصة بسلامة الناس؛ لأنه يوجد على سبيل المثال توصيلات كهربائية وأفياش ومصائد حشرات كهربائية وغلايات رخيصة الأثمان وكثيرة المشاكل؛ لأنها لا تتحمل مرور التيار الكهربائي من خلالها لمدد طويلة، وتبدأ بالاحتماء واشتعال النيران في أي موقع مأهول لا قدر الله؛ لأنه لا يتوافر بها أي من مواصفات الجودة، فلماذا لا يطبق عليها نظام حماية المستهلك وتصادر من الأسواق ويعاقَب موردها؛ لأن مصنعها أجنبي وموردها أجنبي ومسوقها أجنبي أيضاً؟ وهؤلاء القوم لا يهمهم أن يعرضوا الناس للخطر؛ لأن المهم لديهم الكسب المادي. هناك أخطاء تُرتكب من المواطنين أنفسهم، وهي إغلاق ارتدادات المنازل والعمائر، وعدم تأمين طفايات الحريق التي يجب أن تكون في كل عمارة ومنزل، ويعطَى عنها تنويه في وسائل الإعلام عن كيفية الاستخدام. وزيادة على ذلك، فإن كثيراً من الناس يهملون تمديدات الغاز في المنزل، بحيث يمر عليها سنوات دون صيانة؛ ما يؤدي - لا قدر الله - إلى تهريب الغاز وحدوث الحريق. ما من شك أن الحديث عن أخطار الحرائق - كفانا الله وإياكم من شرورها - يمكن أن يؤلَّف عنه كتب، ولكن الاحتياط واجب، وتثقيف النشء بوسائل السلامة واجب على كل رب منزل. أملي أن يعي كل فرد، سواء كان يملك مصنعاً أو بنايات سكنية أو منزلاً أو حتى شقة، أن عليه واجباً إنسانياً ووطنياً بتعريف من يوجدون لديه بأفضل أساليب الحماية من حدوث الحريق، وتوفير الأجهزة اللازمة لذلك. دعواتي للناس كافة بالسلامة الدائمة. والله الموفق.