بداية، أحب أن أهنئ صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الأديب والمفكر العربي، بثقة ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - يحفظهما الله- بتعيينه وزيراً للتربية والتعليم، وهو الرجل المناسب في المكان المناسب. لقد أثبت سموه الجدارة والريادة في كل المناصب التي تولاها. والمهمة الجديدة - كما ذكر سموه - أمانة عظيمة، وهو إن شاء الله أهل لها. o إن مهمة سمو الوزير الجديدة من أعظم المهام، ونتاجها يتوقف عليها النهوض الاجتماعي (السلوكي) والاقتصادي؛ لأن التربية والتعليم أساس تقدم الأمم ثقافياً (حضارياً) واقتصادياً، ولنا بالدول المتقدمة مثال، بل الدولة الإسلامية في عصرها الذهبي، عندما كان لا يوجد فقير تدفع له الزكاة مثال أفضل. o فالكل يعلم أثر الظواهر السلوكية والاجتماعية، وتأثيرها التنموي على مستقبل وطننا العالي، ووصوله إلى العالم الأول، وإعداد رجال وأمهات وسيدات المستقبل. o كما أن بروز بعض الظواهر السلوكية والتربوية السلبية في السنوات الأخيرة بالمملكة، وبدول الخليج العربي بصفة عامة، هي ظواهر - مع الأسف - تتعارض مع مبادئنا الشرعية والاجتماعية، خاصة الظواهر التي تلت الطفرة الاقتصادية الأولى في منتصف السبعينيات الميلادية الماضية؛ فالكل يلاحظ (وبخاصة المخضرمون) أن مجتمع ما قبل الطفرة الأولى غير مجتمع ما بعد الطفرة (مجتمع استهلاكي). فمن الملاحظ اختلاف السلوكيات والتصرفات الاجتماعية، فالناس كانوا أكثر صدقاً، وارتكاب الجرائم (بل نوعيتها) اختلف، الصدق في المعاملة، دور الأم التربوي صار أقل (التي حلت محلها الخادمة)، وكذلك الأب في كثير من الأسر، وانتشار الفساد الإداري والمالي، وكذلك البحث عن العمل وإتقانه والجدية في العمل. o إن أسباب هذه الظواهر كثيرة، سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة أو المجتمع، ولا ننسى انفتاحنا على المجتمعات والحضارات الأخرى، سواء عن طريق السفر أو الإعلام الفضائي. إن تصرفات بعض الطلبة مثل عدم احترام المعلم، الكتابة على الجدران (ومنها جدران المدارس) من عبارات غير لائقة، العلاقة بين الطلاب فيما بينهم، عدم المحافظة على النظافة والأنظمة، سواء داخل المدرسة أم خارجها، بل انتشار العنف بين الشباب وتهاونهم بالقيم والأخلاق، وعدم تطبيق واتباع الأنظمة التي سنها ولي الأمر لخدمة المجتمع والمحافظة عليه، رمي الطلاب لكتبهم على الأرصفة بعد انتهاء الامتحانات (بما فيها الكتب الدينية).. مقلقة. o إن هذه الظواهر تثير الانتباه (بل الرعب) لدى المواطن، كما تثير التساؤل حول أهمية دراسة سُبل إعداد المواطن الصالح ورجال المستقبل؛ لذا أقترح أن تقوم الوزارة بدراسة موسعة لهذه الظواهر السلبية، ودور التربية والتعليم للتغلب عليها بمشاركة علماء اجتماع وعلماء نفس وغيرهم من المختصين التربويين. o كما يجب التركيز على مخرجات التعليم؛ لتناسب احتياجات الاقتصاد الوطني، وألا يخرج التعليم مخرجات لا تفيد مجتمعنا اجتماعياً واقتصادياً. نحتاج إلى استراتيجية وطنية جديدة للتربية، وأخرى للتعليم، استراتيجيتَين وطنيتَين تخدمان المجتمع بشكل يرقى به إلى العالم الأول. نريد مؤسسات تعليمية جاذبة للطلاب، لا طاردة كما هو الحال الآن، استراتيجيات تركز على المبادئ والقيم الأساسية، وتخرج طلاباً يخدمون وطنهم عملياً وعلمياً، ويرقون به نحو العالم الأول بإذن الله، والاستفادة من تجارب دول أخرى متقدمة في هذه المجال. باختصار، نحتاج إلى تعليم مُجْدٍ اقتصادياً واجتماعياً. o سمو الوزير.. توجد برامج سبق طرحها وأثبتت نجاحها إلا أنها استُبعدت لمقاومة من لا يرغبون في التحديث والتجديد. ومن ذلك نظام الساعات، ونظام اليوم الكامل، وبرنامج المدارس المتفوقة، الذي كانت فكرته من قِبل المربي الفاضل الأستاذ/ صالح بن عبدالله التويجري المدير العام للتربية والتعليم بالقصيم السابق، وهو برنامج أثبت نجاحه وأهمية الاستمرار فيه عندما طُبّق في عهد الوزير الأسبق د. محمد الرشيد - رحمه الله - في مجمع سمو الأمير سلطان للمتفوقين ببريدة، إلا أنه لقي معارضة من قِبل من يقاومون كل تغيير. ويمكن تلخيص البرنامج بأنه برنامج لا صفي (مسائي)، ويركز على: - تعلم مهارات التفكير الإبداعي ومهارات بناء الذات. - تعلم أساسيات الرياضيات في كل مرحلة دراسية وتعليم اللغة الإنجليزية بطريقة المحادثات. - منافسة عقليه إلكترونية. - منافسة عقليه بشرية. - تعليم أساسيات البحث العلمي ومهارات القراءة الحرة. وباختصار: - نحتاج إلى تطوير البيئة التعليمية، وتطوير المدرسين؛ لكي يستطيعوا أن يقدموا منتجات وطنية تخدم وطننا مستقبلاً. - تدعيم الوزارة بكفاءات تربوية، يؤمنون بالتجديد والتحديث، وإبعاد من يقاومون التحديث بما يتلاءم ومتطلبات العصر، مع المحافظة على الثوابت الدينية والوطنية. - دراسة قرار اليوم الدراسي الكامل (8-4) والاستفادة من الوقت الفائض بأن يقوم الطلاب بحل الواجبات المدرسية والمناهج اللاصفية مثل الرياضة البدنية. - وأخيراً، وليس آخراً، نسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه صالح هذا الوطن الغالي. والله الموفق.