بداية السينما الأمريكية مع مواضيع العبودية في الولاياتالمتحدة كانت في العام 1939، وبالتحديد مع إنتاج فيلم «ذهب مع الريح» والذي كان من أوائل الأفلام في السينما الأمريكية التي تتطرق للعبودية بشكل غير عنصري. قبل هذا الفيلم كانت العنصرية تجاه العبودية متأصلة بشكل صريح مع فيلم المخرج جريفيث «مولد أمة» والذي كان أحد الأسباب الرئيسة لنشأة منظمة كو كلوكس كلان. في هذا العام نجد فيلم المخرج البريطاني الأسود ستيف ماكوين يقف على هرم أفضل أفلام العام.. ولكن هل كان هذا الفيلم كافياً لرصد أهم مرحلة تاريخية في تاريخ العبودية في الولاياتالمتحدة؟ من المهم أن تعرف عزيزي القارئ أنني لا أعتقد أن هذا الفيلم مخيب، بل على العكس كان الفيلم متكامل العناصر الفنية والفكرية، كل ما في الأمر أن القيمة المرحلية للحدث لم تكن كافية بالإضافة إلى أن المنتظر من مخرج بقيمة وثقل ستيف ماكوين كانت أكثر مما شاهدنا.. الفيلم بختصار يقدم قصة حقيقية لأحد المحررين في فترة العبودية يتم أخذه بالقوة من شمال أمريكا ونقله للجنوب في أحد أكثر المناطق عنصرية، ويتم إجباره على العمل كرقيق. من شاهد فيلم المخرج ستيف ماكوين»هانقر» والذي تدور أحداثه حول عنصرية النظام الأمني تجاه المتمردين الأيرلنديين سيعرف بالضبط أن هذا الفيلم كان أقل مستوى من ناحية الجبروت الإخراجي الذي كان عليه ماكوين في فيلم «هانقر»، في هانقر نجد ماكوين قاسياً في سرده، متمرداً في نصه، عنيداً في لقطاته، والأهم عتيداً في توجيه للممثلين.. في فيلمه الحالي حول العبودية لم يكن بتلك القيمة «المتفلتة» التي كان عليها حتى في فيلمه السابق «شيم». نحن بالطبع هنا أمام واحدٍ من أهم أفلام العام وليس أفضلها، مستوى الفيلم الإخراجي لم يتعد ألفونسوا كورون الإنجازي في فيلمه جاذبية. الأداء التمثيلي في فيلم 12 سنة عبودية كان ممتازاً ولكن لم يكن بقيمة طاقم الاحتيال الأمريكي، وباختصار فإن الفيلم من الأفضل وليس الأفضل في قوائم العام السينمائية.. هذا الفيلم أعتبره ليس الإنجاز الأفضل لماكوين، فتصويره لم يكن الأفضل على مستوى العام. والأداء التمثيلي لم يكن متفرداً كمثل أفلام أخرى في العام، والأهم أن ماكوين تعامل مع الحدث التاريخي العام والمنعطف الحساس في تاريخ أمريكا الحديث بشكل شخصي انطباعي شديد الخصوصية متمثّلاً في شخصية رجل واحد يتعامل مع آخرين.. الفيلم ينقصه سرد منطلقات تاريخية كانت لها الأسباب الرئيسة للتعامل العنصري مع الملونين مثل الولايات الكونفدرالية، كو كلوكس كلان، والأهم تقاعس الحكومة الفيدرالية في ذلك الوقت في التحقيقات تجاه الممارسات الإنسانية بعد فترة إلغاء الرق، والانتهاكات الصريحة لحقوق الإنسان حتى في الولايات التابعة للحكومة الفيدرالية. في الختام يظل فيلماً إنسانياً من الطراز السينمائي الرفيع.. فيلماً ماكوينياً مؤثراً.. فيلماً سردياً بطاقم تمثيلي عالي المستوى، يستحق المشاهدة بلا شك.