في يوم الخميس 2-2-1435ه، أقامت الهيئة العامة للسياحة والآثار حفلاً في قصر الثقافة بالرياض برعاية وحضور رئيسها النشط صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان وصحبه من رجال الهيئة الأكارم للمتعاونين مع الهيئة في مجال السياحة والآثار، والمهتمين بهذه المناشط تقديرا لإسهاماتهم الفاعلة في هذا المجال، ودعمًا وتشجيعًا لهم ولغيرهم للاستمرار في هذا العطاء، وقد شرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر أمير منطقة الرياض، وألقى كلمة ضافية شكر فيها الهيئة على جهودها البارزة في العناية بآثار المملكة التي تعد إرثًا حضاريًا ضخمًا يمثل عصورًا مختلفة وحضارات متواترة في شتى مناطقها، وشد على يد الهيئة لتسير في هذا المضمار بكل قوة، مؤكدًا حرص ولاة الأمر -حفظهم الله- وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني على كل ما يخدم الوطن والمواطن في جميع المجالات، ومنها مجال الآثار والسياحة، كما أشاد سموه بالجهود الكبيرة التي بذلها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض من أجل الاهتمام بالآثار والعناية بها، وهي جهود تذكر فتشكر، ولا يزال سموه على الرغم من ابتعاده عن هذه المسؤولية بشكل مباشر وانشغاله بأمور الدولة الأخرى -لا يزال يتابع عمل الهيئة ويدعمها في كل أعمالها ولاسيما ما يتعلق بالآثار؛ لإيمانه بأن فيها إحياءً لذلك الماضي المجيد، وتذكيرًا للأجيال الحاضرة بما كانت عليه بلادهم وأهلوهم في العصور الخوالي، وما يعنيه ذلك من استحضارٍ لماضيهم العريق، وشعورٍ بالمعاناة والجهود التي بذلها الآباء والأجداد. كما أشار إلى تشكيل لجانٍ في بعض محافظات المنطقة تتعاون مع الهيئة في تحقيق أهدافها (وهي فكرة جيدة نأمل أن تشمل جميع المحافظات والمراكز). وقد كرمت الهيئة في هذا الحفل البهيج كل من قام بعمل أحيا به أثرًا أو أسهم في إبرازه، أو تعاون من أجله، وكان من بين هؤلاء المكرمين الأستاذ (تركي التركي) من مدينة جلاجل الذي وجهت له دعوة رسمية تقديرًا لجهوده في ترميم بعض المساجد القديمة في البلدة فحضر أصالةً عن نفسه ونيابةً عن جماعة أصدقاء الآثار في جلاجل وعن أهالي جلاجل. إن هذا التكريم بادرة حميدة من الهيئة تحفز الداعمين والمهتمين بالآثار على مزيد من العطاء والتفاني، حيث تبرز عملهم وتشجعهم على بذل المزيد، وهذا التكريم لا يستمد أهميته من قيمته المادية فحسب وإنما يستمدها من قيمته المعنوية أيضا؛ لما يعنيه ذلك من اهتمام بالآثار، وحرصٍ على إبرازها، وهو عمل مبارك وبادرة طيبة تعكس مدى اهتمام الهيئة بما وكل إليها وتستحق الإشادة والتقدير. ودعوتهم للمهتمين بالآثار في مدينة جلاجل يدل على أن هذه المدينة لم تغب عن عيون الهيئة لما تحفل به من آثار مهمة يأتي في مقدمتها منزل مؤرخ نجد المعروف (عثمان بن بشر) ومنزل قاضي سدير في أول عهد للملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الشيخ (عبدالله العنقري) وغير ذلك من الآثار التي ذكرتها في مقال سابق نشرته في جريدة الرياض منذ مدة، وقد زار وفد من الهيئة مدينة جلاجل، ووعد بإحياء ما فيها من آثار وإعادة تأهيل البلدة القديمة وأدرج هذا في خطة الهيئة ولكنه مضى وقت طويل ولم نر شيئا تحقق من ذلك على أرض الواقع، لا أقول هذا من باب العتب ولكنني أقوله من باب الاستنجاز، فآمل من الهيئة الموقرة الإسراع في تنفيذ ما وعدت به، كما آمل من أحبابنا رجال الأعمال والغيورين على التراث من أهل جلاجل وغيرهم الوقوف إلى جانب الهيئة، وحمل العبء معها، فاليد الواحدة لا تصفق، ووقوفهم معها يعينها على إحياء آثار البلد وإعادة تأهيل البلدة القديمة وذلك وفاءً بحق مجتمعهم وأهليهم وبلدهم عليهم، فهذا العمل يعد من الشراكة المجتمعية التي يفرضها صدق الانتماء، وحس المواطنة، كما أنه يجسد رؤية صاحبي السمو الملكي أمير منطقة الرياض ورئيس الهيئة في ضرورة التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص في دعم السياحة والعناية بالآثار في المملكة، وهو إلى جانب ذلك أحد وجوه الإنفاق الحميدة التي يشكرون ويؤجرون عليها -إن شاء الله- ولهم في إخوانهم الداعمين لمشروعات مماثلة في بلدان أخرى كأشيقر وشقراء والغاط والمجمعة وعودة سدير وغيرها من البلدان أسوة وقدوة. إنها آمال أرجو أن تتحقق، وأمنيات آمل أن تخرج إلى حيز الواقع فنرى الحياة وقد دبت في هذه الآثار فوقفت شامخة تحكي للأجيال الحاضرة حكايا الأجيال الغابرة، وتروي لهم قصص كفاحهم ومعاناتهم فيستذكرون ويستفيدون ويقتدون، والله أسأل أن يعين الجميع وأن يسدد على طريق التوفيق خطاهم إنه سميع مجيب.