القاص عبدالله الشهري يقول في مجموعته القصصية (الندبة): الطقس شديد الحرارة والشمس قابعة في كبد السماء ترسل لهبها الحارق على الأرض الساخنة.. في ظهيرة هذا اليوم.. هناك على أحد الأرصفة في إحدى الطرقات.. وفي أحد الأحياء.. شاب في الثامنة والعشرين من عمره يسير على قدميه وكأنه تعود السير في مثل هذه الأوقات.. ينظر إلى الأسفل ويتابع بذلك وقع خطاه.. ينظر أمامه بطرف ساهم وملامح تحمل بين جنباتها طابع الهدوء ويبدو أن الأفكار والهواجس التي تدور بمخيلته قد بخرتها أشعة الشمس الساقطة على أم رأسه. كان يتقي حرارة الشمس بشماغه البالي الذي وضعه على رأسه ويستخدم طرفه أحياناً كثيرة في مسح العرق المتفصد من جبينه، وإذا شعر بلهب الشمس يضع الملف الأخضر الذي يحمله في يده على رأسه كمظلة يحتمي بها. اعتاد أن يقطع المسافات سيراً على الأقدام، شعر بالعطش عندما مر بتموينات للمواد الغذائية ولمعت في عينيه قارورة الماء البارد فتحسس جيبه وهو يهم بدخول البقالة ولكنه ما لبث أن ضغط بأسنانه على شفته السفلى وكأنه يذكر نفسه: (الريال الذي بقي معي ذهب في تصوير أوراق الملف)، ثم تابع سيره في هدوء وخيبة أمل لا يلوي على شيء.