قال الكهل للشاب الذي أتى لمكان غير مكانه لمنهم من غير جيله, تكرر ذلك الحضور غير مرة: قال الكهل بلطف وهما يجلسان متظاهرين فوق مركاز على حافة البحر.. أخفض التلفاز يا بني!.. قال الشاب: حاضر فعمد بالريموت على خفض الصوت.. قال الكهل: أراك هنا كل ليلة بينما هناك مقاهٍ خاصة لمن هم من جيلك، أليس لديك صحب أم ليس لديك عمل أو مدرسة لتنام وتصحو باكراً وهو الأفضل؟.. قال الشاب: ليس لدي عمل ولا مدرسة!.. قال الكهل: يعني عاطل..ثم خففها يعني لا أنت بطالب ولا موظف !؟.. قال الشاب: وهو يغالب حياءه، لقد أنهيت دراستي الجامعية تخصص هندسة معمارية ولغتي الإنكليزية متقدمة ولم أجد عملا!!.. قال الكهل: لا تيأس فغيرك كثير.. وعليك البحث عنه وستجده!!.. قال الشاب: بحثت عنه في كل مكان لا يخطر ببالك حتى مللت من الجلوس بالبيت وهو ما تشاهدني عليه بالمقهى كل ليلة وأصحابي كثيرون بدون عمل تقدر تقول همل!.. قال الكهل: وكأن الحظ منحه جليساً مؤنساً.. الحياة كلها هم وغم يا بني. قال الشاب: وراك يا عم قلبتها غم!.. قال الكهل: قلبي معكم يا جيل اليوم رغم شهاداتكم ينقصكم التدريب الفني المهني وهذا عجز من المؤسسة العامة للتدريب الفني المهني ومخرجاتها الهزيلة رغم صرف المليارات عليها.. مما زاد الطينة بلة بتراكم البطالة، قصدي قلة التوظيف بالقطاع الخاص الذي يجب أن يكون الرافد الوطني لمن هم من أمثالك، الأمر الذي زاد لتسعة ملايين وافد وهم ممن يشكل البعض منهم خطورة على الأمن ناهيك عن الأمن الغذائي ولا تنسى إجار المساكن المرتفعة فوزارة الإسكان بلا أسكان!.. قال الشاب: تخيل يا شيخ أن سكننا شقة مستأجرة بخمسين ألف ريال, ثلاثة غرف وصالون ومنافعها والوالدان متقاعدان ورواتبهما لا تفي بمتطلبات الحياة؛ فالوالدة راتبها التقاعدي ألف وسبعمائة ريال. والوالد أربعة آلاف وثلاثمائة بالكاد تغطي إجار البيت وفاتورة الكهرباء العالية ناهيك عن بقايا أخرى.. حسبنا الله ونعم الوكيل على الخدمة المدنية ووالعمل والإسكان!!.. قال الكهل: الدولة ما قصرت ضخت المليارات في ميزانيات الوزارات لكنها البيروقراطية الناخرة في مفاصل وزاراتنا, فكل وزير يرحل مشاكل وزارته على الآخر, فذهب زمن اليسر وأتى زمن العسر بطالة للشباب والشابات وغلاء سكن ومعيشة مضطربة، ولم تعد حتى الحياة تطاق حينما يخطف الوافدون مصادر أرزاقهم في كل مكان حتى إن القطاع الخاص لا تهمه السعودة التي ماتت.. تهمه اليد العاملة الرخيصة!.. قال الشاب: والحل يا شيخ !؟.. قال الشاب: لابد من انتهاج نفس القرار الحكيم الذي اتخذته الدولة لتصحيح العمالة السائبة.. وإلزام الشركات وغيرها من المرافق المؤسساتية الخاصة بتوظيف الشباب السعودي, طالما هي تدعي أنها شركات وطنية ومحتكرة على جماعة أهل هذه الشركات والمؤسسات التي امتصت خيرات الوطن وريعها يحول للخارج.. فلا الوطن مستفيد ولا المواطن وجد وظيفة في بلده. قال الكهل: إن زملاءكم المبتعثون بدأ البعض منهم بالتخرج والعودة للوطن فهل هيأت الدولة لهم وظائف لكي يخدموا بعلمهم الدراسي الذي ابتعثوا من أجله البلد, أم سيكون مصيرهم البطالة مثلكم؟.. وأعتقد أن هذه مهمة وزارة التخطيط التي يجب هيكلتها والتي لا صوت ولا صورة لها!!. قال الكهل: وهو يرمق الشاب بعين شفقة.. يعجبني فيك حسن إدراكك للأمور وتفاؤلك المشوب بالتمني الصادق.. قال الشاب: يعجبني فيك حسن حديثك وحكمتك.. فهل تقبلني صديقاً مؤنساً كل ليلة؟!.. قال الكهل: اتفقنا ولا تنس البحث عن وظيفة.. وتبادلا أرقام هواتفهما. (وانفض السامر)،،،