تحدثت كثيرا عن النضال الحقيقي، واشتراطاته، وأبطاله، وهم قلة خلدها التاريخ، وتحدثت عن نضالها كل أمم الأرض، على غرار مارتن لوثر كنج، ومالكوم اكس، ومانديلا، وجيفارا، وغيرهم، وعلى عكس هؤلاء هناك مدعون للنضال، وهؤلاء لا تحركهم المبادئ السامية للنضال، ولا مصالح الوطن، والأمة، بقدر ما يكون نضالهم ترفا، يمارسونه طلبا لشهرة، أو مصالح شخصية، أو كردة فعل على موقف معين، أو لانتفاء مصلحة، وغيرها من الأسباب التي يطول الحديث حولها، فالنضال الحقيقي مهمة جسيمة، وشاقة لا يقدر عليها إلا العتاة من الناس. تحول النضال في بعض بلاد العالم الثالث إلى مهمة انتهازية، وشخصية، وتم تشويه هذا العمل السامي بشكل لم يسبق له مثيل،وتلفت حولك، خصوصا بعد الثورات العربية، وسترى عجبا، فهناك من أصبح مناضلا، لا لمصلحة الوطن، والشعب، بل انتصارا لحزبه الذي ينتمي إليه، ولذا فعندما ثار شعب مصر طلبا للحرية في 2011، بارك هؤلاء المناضلون هذه الثورة. هذا، ولكن عندما ثار ذات الشعب مرة ثانية، في 2013، ضد تنظيم هؤلاء المناضلين، تناسوا المعاني السامية للحرية، والديمقراطية، وأعلنوا مواقفهم ضد ثورة الشعب، وانتصروا لحزبهم المخلوع من الحكم، اذا، فهؤلاء هم آخر من يتحدث عن الديمقراطية، والحرية، اذ هم حزبيون يبحثون عن قيمة، وعن سلطة من خلال الحزب، ولو قدر لهم أن يحكموا لتحولوا إلى مشاريع ديكتاتورية، تماما كما فعل تنظيمهم في مصر، وتونس!. وهناك من يثري ثراء فاحشا من خلال النظام الحاكم، ثم، وبعد التخمة، يقرر أن يتحول إلى مناضل، من خلال انتقاد ذات المنظومة التي كان جزءا منها، وأثرى بسببها!، وهناك من قرر النضال في مرحلة متأخرة، ضد ذات النظام الذي لم يكن يسمح لأحد أن ينتقده، ولا زال أمر نضاله المتأخر يستعصي على الفهم!!، وهناك شباب لم يكن يعرفهم أحد، فأتاحت لهم وسائل التواصل الاجتماعي فرصة الظهور، ثم ذاقوا من طعم الشهرة ما جعلهم يقرروا النضال، مع أن واحدهم مترفا حد التخمة، ولم يكن يفكر بمواطنيه « الفقراء» قبل الأضواء، وضجيج تصفيق المتابعين!، ولا يكمل الحديث دون المرور على مناضلين من نوع آخر. هؤلاء المناضلون يقيمون الدنيا طلبا لحرية من يشبههم، وينتمي إلى تيارهم، ولكنهم في ذات الوقت، يطالبون بسجن هذا، وجلد ذاك، ممن لا ينتمي إلى منظومتهم الحزبية!!، فهؤلاء ليسوا طلاب ديمقراطية، يعيش تحت مظلتها الجميع، بقدر ما هم طلاب سلطة، ليتمكنوا من الثأر من خصومهم، بل والقضاء عليهم، لو تمكنوا من ذلك، وخلاصة الأمر هي أن « النضال صعب، وطويل سلمه، إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه، زلت به إلى الحضيض قدمه «، ومعظم مناضلي العالم الثالث هم من هذا الصنف الردئ، وتلفتوا حولكم لتروا مصداقية ذلك.