حالة من الفوضى والعشوائية تحيط بالمكان من كل جانب، شاحنات متناثرة هنا وهناك يبحث سائقوها عن أي مساحة ضيقة للوقوف في ألا مكان!.. تتزاحم مئات القاطرات الثقيلة للوقوف جنباً إلى جنب متعدية على حرم الطريق وضاربة بالنظام عرض الحائط، ثم تبقى على حالها جاثمة في مكانها الخطأ لأيام بل وشهور أحياناً، ويستخدم السائق شاحنته لقضاء كافة شؤون حياته اليومية، فهو لا يفارقها أبداً ويستخدمها للجلوس والنوم والأكل، بل ودورة مياه أيضاً. الموقع هنا لا تتوفر فيه أبسط المقومات الأساسية للعمل ولا يعكس الوجه الحضاري للبلد، ففي هذا المكان «التعيس» يلتقي التاجر بمن ينقل له بضائعه سواء داخل المملكة أو خارجها وهو بالفعل يسيء لسمعة البلد.. بكل بساطة فإن مكان تجمع شاحنات النقل البري الواقع في حي الفيصلية، هو بؤرة تلوث بكافة أشكاله يشوّه وجه العاصمة التي تُعد أحد أكبر أسواق النقل البري عربياً وإقليمياً. أصحاب الشاحنات والعاملين في قطاع نقل البضائع (سعوديين ووافدين) يشتكون من عدم توافر مكان مهيأ لممارسة نشاطهم، وهو ما أجبرهم على الوقوف في هذا الشارع العام منذ سنوات والتضييق على المارة، وهم الآن يعانون من كثرة تعرض محتويات ناقلاتهم للسرقة من قِبل بعض اللصوص الذين يقطنون الأحياء المجاورة وينتهزون فرصة وجودهم أثناء المبيت بحثاً عن لقمة العيش. مطلوب ثورة إدارية لانتشال نشاط نقل البضائع بالشاحنات من مستنقع العشوائية والإهمال والمسارعة إلى إيجاد مكان مهيأ لهذا التجمع الكبير من الشاحنات «التريلات»، والذي يُعتبر أحد أهم موارد الاقتصاد في البلد، وإيجاد مكان مناسب له من خلال توفير ساحات مهيأة تسوعب هذا الكم الهائل من النقالات بشكل منظم ويتم تسويرها وحمايتها بوضع حراسات أمنية وبوابات تحكُّم في الخروج والدخول وتوفير مسجد للعبادة ومحال تجارية ودورات مياه، حتى لو كان ذلك مقابل دفع رسوم رمزية يتحملها قائد الشاحنة مقابل الخدمات التي يتم توفيرها له. بل إنها فكرة لطرح مثل هذا المشروع على رجال الأعمال والمستثمرين للقيام بهذه المهمة، التي تُعد فكرة تجارية وذات عائد مادي جيد، فضلاً عن كونها تعكس متطلباً حضارياً لقطاع النقل البري في المملكة بشكل عام والرياض بشكل خاص إلى جانب تشجيع أبناء البلد على العمل في هذا القطاع.