رغم اعتراف الجميع بوجود أزمة سكن ورغم أننا نعلم بأهمية حل هذه الأزمة ونعلم العواقب الوخيمة لعدم حلها، ورغم وجود ميزانية تجاوزت الترليون ورغم إنشاء وزارة لحل أزمة الإسكان، إلا أنه من الصعب أن تجد جواباً لهذا السؤال.. جرب أن تسأل أي مسؤول في وزارة التخطيط أو المالية أو الإسكان هذه السؤال، لا أعتقد بأنك ستجد الجواب. ولأهمية الجواب على هذا السؤال، سأجتهد في هذا المقال لمحاولة الإجابة عليه نيابة عن وزارة الإسكان، وسأستخدم الأرقام والمدة الزمنية الصادرة من الوزارة. ذكرت تقارير بأن المملكة تحتاج 2.3 مليون وحدة سكنية وأن وزارة الإسكان ستبني 500 ألف وحدة سكنية وأنها بصدد بناء 200 ألف وحدة سكنية في المرحلة الأولى، منها 17 ألف وحدة تحت الإنشاء بنسبة إنجاز تتراوح بين 25-95% والبقية تحت الدراسة والتصميم. وذكرت الوزارة بأن الوقت اللازم لأخذ تصاريح أي مشروع وتصاميمه حوالي 8 أشهر، والبناء حوالي 3 سنوات. وذكر معالي الوزير بأن عدد الوحدات السكنية التي تم بناؤها من الأفراد أو القطاع الخاص في عام 320 ألف وحدة سكنية تقريباً وذلك في عام 2012 وبموجب تقارير شركة الكهرباء. في المعطيات أعلاه نرى أن هناك خطين لإنتاج المساكن الجديدة، الخط الأول وهوا الوزارة ومطلوب منها 500 ألف وحدة سكنية، والخط الثاني وهوا القطاع الخاص والبناء الفردي ومطلوب منه بناء 1.8 مليون وحدة سكنية.. هذا على افتراض عدم زيادة الطلب من السعوديين أو الأجانب. نأتي أولاً إلى خط الإنتاج الأول وهوا الوزارة، كما صرح معالي الوزير، فإن دراسة المشروع والتصاميم تأخذ فترة زمنية تصل إلى 8 أشهر والبناء 3 سنوات، بمعنى آخر نحتاج إلى أربع أو خمس سنوات لتسليم 200 ألف وحدة سكنية على افتراض عدم وجود تعثر أو تأخير كبير في المشروعات. نضيف إليها سنة من بداية عمل الوزارة فعلياً واستلام الأراضي، وبهذا نجد أن معدل إنتاج المساكن لدى الوزارة سيكون 40 ألف وحدة سكنية سنوياً، وإذا ما قسمنا عدد 500 ألف وحدة على هذا المعدل سنجد بأن بناء 500 ألف وحدة سكنية سينتهي بعد 12.5 سنة، إذا لم يكن هناك تعثر. أما بالنسبة لخط الإنتاج الثاني وهوا البناء الشخصي وبناء المطورين العقاريين، فبحسب أرقام شركة الكهرباء فأنه تم بناء ما يقارب 320 ألف وحدة سكنية في عام 2012، ولكن هناك مشكلة في احتساب هذه الوحدات فبعضها للإيجار وليس للتملك وبعضها لا يتوافق مع المواصفات التي يحتاجه المواطن لبيت العمر، وهي أقل مستوى من الوحدات التي تبنيها وزارة الإسكان، كما أننا لا نعلم هل سيتم التطوير بهذا المعدل أم أنه سيقل بسبب ارتفاع أسعار الأراضي وعدم جدوى البناء. ولذلك سنفترض أن 30% من هذه الوحدات صالحة للمواطن ومتوفرة للبيع، وهذا يعني أن هذا الخط يقدم حوالي 96 ألف وحدة سكنية سنوياً. وبقسمة عدد الوحدات المتبقية المطلوبة وهي 1.8 مليون وحدة على هذا الرقم نجد أن هذا الخط سيستغرق حوالي 18 سنة لحل الأزمة. أن يكون حل مشكلة إسكان في 18 عاماً في بلد بهذه الإمكانيات فأنه يعني فشل.. إذاً ما هوا الحل وكيف نختصر هذه المدة إلى 5-8 سنوات. الحل هو في تنظيم السوق العقاري وبناء مناخ إسكاني مستدام وذلك بإقرار وتطبيق إستراتيجية الإسكان، والتي وضعت حلول لأزمة الإسكان ولتنظيم هذا السوق.. لقد تم تأجيل إستراتيجية الإسكان لأكثر من عام ولعدة مرات، التأخر في رفعها للمقام السامي يفاقم المشكلة. خلاصة إستراتيجية الإسكان، أن سبب أزمة الإسكان هوا ارتفاع أسعار الأراضي، وسبب ارتفاع الأراضي هو الاحتكار، ولا يمكن حل الأزمة بدون كسر هذا الاحتكار وزيادة المعروض من الأراضي، وقد نصت الإستراتيجية على مقترحات لكسر هذا الاحتكار وتنظيم السوق العقاري في المملكة.. وإلا أن يتم رفع إستراتيجية الإسكان وإقرارها أرى أن يتم اعتماد هذه المدة الزمنية وهي 18 سنة للإجابة على عنوان المقال.