كتب الدكتور محمد العوين يوم السبت 21-12-1434ه في العدد 15003 مقالةً عنونها ب(تحرش الظهران.. أين رجال الأمن؟)، كتبها بقلم الرجل الغيور على بنات الوطن، مفتتحاً إياه بقوله (ليست حادثة التحرش التي وقعت في أحد مجمعات الظهران التجارية الأولى، ولن تكون الأخيرة؛ فقد سبقتها مئات الحالات في مدن عديدة وفي مناسبات مختلفة)، وختمها بقوله: (إنني من الداعين والمطالبين بضرورة إعادة الانضباط إلى الشارع السعودي بالحزم، واستعادة هيبة رجل الأمن، وتطبيق عقوبة التحرش بجلد المتحرش في المكان الذي اقترف فيه جريمته والتشهير به في الصحف؛ فليس الغش التجاري أو التزوير بأسوأ من الغش الأخلاقي أو التزوير في قيم جيل مقبل على حالة انفلات الله وحده أعلم ماذا يمكن أن تصل إليه). وإني لأشكر الكاتب الفاضل وأقدر له غيرته الطيبة وحرفه الموفق في هذه المقالة الرائعة التي لم يتيسر لي قراءتها إلا ظهر ذلك اليوم الذي نُشرت فيه، ومن المصادفة أن أخاً عزيزاً غيوراً بعث إليَّ رسالة عبر الجوال صباح اليوم نفسه الذي نُشرت فيه المقالة، كتب فيها قائلاً: (نحن في ديار التوحيد وكلنا مسلمون وآباؤنا وأجدادنا مسلمون ولدينا مكاتب دعوة وهيئة ومحاضرات دينية وخطب جمعة وتدريس دين في الجامعة وعادات عربية أصيلة، ونحمل سلم النخوة والشهامة، وفي بلدنا يتحرشون بالفتيات رغم لبسهن العباءة وفي وضح النهار، وامرأة راقصة متبرجة بزينتها وملابسها في أوروبا وبعض البلاد العربية وفي نصف الليل لا يستطيع أحدٌ لمسها.. أين الخلل؟). فكان ردي على سؤاله: عزيزي لنبتعد عن المثالية قليلاً: «ديار توحيد.. مسلمين.. مكاتب دعوة.. هيئة.. محاضرات دينية.. خطب جمعة».. وغيرها من منابر خير ودعوة وعادات عربية. في عصر النبوة والوحي يتنزل من السماء وما بعده من عصور فاضلة وُجد أكثر من التحرش، فالشيطان حاضر بقوة بين الرجل والمرأة، حيث حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من فتنة المرأة فقال: (اتقوا الدنيا واتقوا النساء)، وفي الحديث الآخر (المرأة عورة وأنها إذا خرجت استشرفها الشيطان)، وغيرها من الأحاديث التي لا تكاد تخفى عليك وعلى كل ذي لب، وهذا لا يعني يا عزيزي أني أبرر لهؤلاء الشبيبة القلة فعلتهم الشنيعة وتصرفهم الأهوج -هداهم الله وردهم إليه رداً جميلاً- كلا فهم لا يمثلون مجتمعنا المحافظ الذي -ولله الحمد- ظرهت فيه آثار وبركات منابر الخير والدعوة التي ذكرتها ضمن سؤالك الكبير، ثما عزيزي إغراء المرأة بعباءتها الفاتنة أكثر تأثيراً على الرجل من المرأة المتبرجة ذات اللبس العاري أو شبه العاري.. وعن مقارنتك بين الوضع هنا وفي البلاد الأخرى أقول لك: هناك في أوروبا وغيرها أناسٌ محترمون وهناك آخرون دون ذلك، وقد يصدر منهم كما صدر من الشباب هنا، وقرأنا الكثير وسمعنا عن الكثير من المواقف والقصص، ولكن يقف في طريقهم النظام الشديد في تلك البلاد والقوانين الصارمة، وأمرٌ آخر وهو أنهم قد يجدون بغيتهم من المرأة المتبرجة العارضة لمفاتنها بيسر وسهولة ودون مضايقة أو تحرش، نسأل الله العافية. وتذكر المقولة الشهيرة (أحب شيءٍ إلى الإنسان ما مُنعَ). وحيال هذه القضية المزعجة يبقى دور أهل التربية والتوجيه من آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات وخطباء ودعاة وكُتاب، كلٌ بحسبه، بل ومؤسسات حكومية وخيرية لتوجيه الشباب والشابات وملء فراغهم بالنافع المفيد من البرامج والأنشطة التي يشبعون من خلالها رغباتهم ويبرزون طاقاتهم وينمون مواهبهم ليبتعدوا عما يخدش الفضيلة في نفوسهم ويرتقي بهم عن مستنقعات الرذيلة. وما زلنا نحسن الظن في شباب وفتيات هذا الوطن المبارك وسنظل، وإن غلبتهم الغفلة حيناً والشهوة حيناً فالخيرُ فيهم كثير، فهم في حاجة إلى يد حانية وكلمة صادقة ودعم، وتعزيز الجوانب المشرقة في نفوسهم والبعد عن رميهم بأسوأ الأوصاف أو تقنيطهم من رحمة الله، إذ ليس من الدين والحكمة إعانة الشيطان عليهم فهم منا ونحن منهم والوطن بل الإسلام يُعلق عليهم آمالاً عراضاً.. أصلح شبابنا وشباب المسلمين وبناتنا وبنات المسلمين وجعلهم مباركين أينما كانوا.