تشارك ابنة الراحل أمل الحمدان في فعالية تكريم والدها بالنادي الأدبي بورقة تحت عنوان (راشد الحمدان.. أيام الخراف) استعرضت من خلالها سيرة حياة والدها رحمه الله. ملخص الورقة: ولد الأستاذ راشد بن محمد الحمدان -رحمه الله- في المجمعة عام 1376ه، ونشأ في بيت جده لأمه، وحين أكمل السابعة التحق بمدرسة الدار السعودية للأيتام وحصل منها على شهادة الابتدائية. وفي العام 1372ه كانت الخطوة الأولى في حياته -كما يصفها بنفسه- عندما رافق حملة حج أمر بها آنذاك الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وكان ذا صوت جهوري وفصاحة لسانية فاختير ليقود زملاءه في التلبية. انتقل أستاذنا إلى الحجاز والتحق بالدراسة في دار التوحيد بالطائف عملاً بنصيحة شيخه عبد الملك الطرابلسي -رحمه الله- مدير المدرسة الابتدائية للنوابغ أمثاله، بأن يكملوا تعليمهم في دار التوحيد. وبالفعل درس في دار التوحيد وتخرج فيها عام 1378ه من تخرج من زملائه ممن أصبحوا بعد ذلك قضاة ومسؤولين وأدباء ومفكرين. ولشغفه بالعلم والاطلاع.. كان أول ما فكر في اقتنائه من الكتب كتاب) المفرد العلم (عندما حصل على أول جُنيه من عمه) الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالله الحمدان الشهير بأبي عليوي. وحين أنهى دراسته في دار التوحيد التحق بكلية الشريعة بمكة المكرمة وتخرج فيها عام 1382ه، عاد أستاذنا إلى نجد وتحديداً إلى الرياض ليعمل مدرساً في معهد الأنجال) معهد العاصمة النموذجي حالياً.. ولم يصل بسقف طموحه عند ذلك الحد، فولعه بتطوير ذاته ما زال هاجسه الأول، حيث سافر في بعثة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وحصل على دبلوم في التربية وعلم النفس من جامعة إنديانا في بلومنقتن. عاد بعدها ليتدرج في العمل؛ فعمل أميناً للمكتبة في وزارة الزراعة عام 1386 ه لكن شغفه بالأدب وعلاقته بالحرف مازالت تراوده، فسافر إلى بريطانيا ليحصل على دبلوم الإعلام والصحافة، وعاد ليرأس شعبة الإعلام والصحافة في وزارة الزراعة حتى العام 1396ه. لقد كان اهتمامه منصباً على التربية والتعليم والشباب، فانتقل ليعمل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب حيث تدرج في العمل حتى طلب إحالته للتقاعد المبكر عام 1987 وكان آنذاك أمينًا للمجلس الأعلى لرعاية الشباب، وأول رئيس للأندية الأدبية في المملكة. علاقته بالأدب والصحافة: كتب في سن مبكرة وهو لم يزل طالبًا في كلية الشريعة أولى محاولاته في الكتابة الصحفية في مجلة الرائد التي يرأسها آنذاك الأستاذ عبدالفتاح أبومدين زاوية بعنوان (بين الواقع والخيال) وتوطدت علاقة الراحل بالكتابة الصحفية فيما بعد على فترات متلاحقة من حياته، وعرف من خلال صحيفة الجزيرة بزاويته الشهيرة (من السحارة) ثم توالت مقالاته الأدبية تحت عناوين مختلفة منها 4 شماريخ، وسميات، جذامير...، كما أصدر كتابه «خَرَاف الأيام» عن النادي الأدبي بأبها. حياته الخاصة: بعد تقاعده من العمل -بمدة يسيرة- عاد ليتفرغ لحياته الخاصة التي أرادها صورة لبداياته الأولى؛ حيث تعلق بالزراعة وتحديدًا بالنخلة، واهتم بالرفقه والبساطة وحسن الجيرة. ترك أنديانا ولندن وعالم الصحافة والشهرة وراء ظهره، وعاد ليستنشق عبق الماضي وبساطته..كان -بطبعه- وعلى الرغم مما لاقاه من مرارة العيش في بداياته.. مرحا ودودا حاضر الطرفة محبا للخير زاهدا مهتما بالتربية، فآثر الجلوس إلى رفاقه في مزرعته الخاصة ولم يفارقه حبه للقراءة والاطلاع فكانت مكتبته تزخر بالعديد من الكتب التي يمضي معها ساعات طويلة في القراءة والتأمل. مرضه ووفاته: عاش أستاذنا وقد تجاوز السبعين بروح الشباب فقد كان مهتما بعاداته الصحية السليمة وغذائه.. حتى داهمه المرض المفاجئ ليلة رمضان من العام 1433ه وقد كان محط اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الذي وقف معه أيام محنته المرضية وعمّد الجهة المختصة للعناية بوضعه الصحي حيث تم إرساله إلى بريطانيا للعلاج على نفقة الدولة. كما حظي الراحل باهتمام طلابه الأوفياء من أصحاب السمو الأمراء، وزملائه من الكتاب والأدباء،ورفاق دربه وأصدقائه، فكانوا يتوافدون لزيارته والاطمئنان عليه. وعلى الرغم من شدة المرض لم يثنِ ذلك عزيمته ولم تهتز ثقته بخالقه فكانت روحه وإيجابيته تنعكس على كل من زاره.. وإيمانه بقضاء الله وقدره أنجع من كل دواء. عاد إلى وطنه ولازم فراش المرض حتى توفاه الله تعالى ليلة رمضان من العام 1434ه رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. فقد رحل وترك لنا أنموذجا للمعلم والمربي الفاضل.. وسيرة معطرة تسطر معاني الإخلاص والتفاني والزهد والورع.