أظهرت دراسة لمنتدى الرياض الاقتصادي في دورته السادسة حول «الفساد الإداري والمالي.. الواقع والآثار وسبل الحدّ منه»، أن 63.4 في المئة من السعوديين يرون أن الفساد المالي أصبح أكثر انتشارًا في الوقت الراهن مما كان عليه خلال السنوات الخمس الماضية، بينما يَرَى أقل من ثلث العينة ألا تغيير يذكر عمَّا كان عليه الوضع سابقًا، فيما قال أقل من 10 في المئة: إن الفساد المالي صار أقل انتشارًا في الوقت الراهن. وأوضحت الدراسة، أن المسح الميداني الذي تَمَّ إجراؤه على عينة مكوَّنة من 1302 شخص، أظهر أن 56.7 في المئة يرون أن الفساد الإداري بات أكثر انتشارًا في الوقت الراهن مما كان عليه في السنوات الخمس الماضية، بينما يَرَى أقل من ثلث العينة ألا تغيير يذكر، وقال 15 في المئة من العينة أن الفساد الإداري بات أقل انتشارًا في الوقت الحالي مما كان عليه في السابق. وحول نسبة الفساد الإداري والمالي في المستويات الإدارية الحكوميَّة، أشارت نتائج المسح الميداني إلى أن أكثر من ثلثي عينة الدراسة يرون أن الفساد أكثر انتشارًا في المستويات الإدارية العليا والوسطى بالأجهزة الحكوميَّة عنه في المستويات الدنيا، وأتت المستويات الإدارية العليا في قمة الهرم من وجهة نظر عينة الدراسة بنسبة 42.6 في المئة بين المديرين وأصحاب الوظائف العليا، و31.1 في المئة في الوظائف المتوسطة ومديري الإدارات، و26.3 بين صغار الموظفين. وحول اتجاهات عينة الدراسة نحو مستوى انتشار الفساد الإداري والمالي في المملكة، أوضحت النتائج أن 63.5 في المئة يرون أن الفساد الإداري والمالي منتشر في المملكة، بينما رأى نحو الثلث أنّه منتشر بدرجة محدودة، فيما رأى 4.2 في المئة أن الفساد غير موجود. وبشأن مظاهر الفساد الإداري في المملكة، كشف المسح الميداني أن الواسطة جاءت في مقدمة مظاهر الفساد الإداري الأكثر انتشارًا ، تلتها إساءة استغلال النفوذ، ثمَّ التفرقة في تطبيق القوانين والعقوبات، فمخالفة تعليمات الأجهزة المركزية للرقابة والتفتيش، بينما كان التزوير الأقل انتشارًا من وجهة نظر أفراد العينة. وبالنسبة لترتيب مظاهر الفساد المالي في المملكة، أفادت نتائج المسح الميداني، أن الرشوة هي أهم المظاهر، ثمَّ التلاعب بالعقود الحكوميَّة، فتسهيل المعاملات «مخالفة للأنظمة»، ثمَّ التلاعب بالأسعار، فالاختلاس، ثمَّ التلاعب بالرواتب والأجور، تلا ذلك الابتزاز، بينما كان غسيل الأموال في المرتبة الأخيرة. وطرحت الدراسة سؤالاً لشريحتي القانونيين، ومكاتب المراجعة والمحاسبة القانونية، عن ترتيب الفساد الإداري والمالي وفقًا لنوع الخدمات، وأظهرت نتائج المسح أن قطاع المقاولات هو الأعلى، يليه قطاع الخدمات البلدية، ثمَّ القطاع التجاري، فالخدمات التمويلية، فالقطاع الصناعي، فالخدمات الصحية، بينما كانت الخدمات التعليميَّة في المرتبة الأخيرة. وعن اتجاهات مؤسسات القطاع الخاص بشأن انتشار الفساد الإداري والمالي في مشروعات الدَّوْلة التي يقومون بتنفيذها، رأى أكثر من ثلثي عينة مؤسسات القطاع الخاص التي تقوم بتنفيذ مشروعات حكومية وجود فساد منتشر في تعاملهم مع الجهات الحكوميَّة، بينما يَرَى نحو ربع العينة أنَّه لا يوجد فساد منتشر في تلك المشروعات، ويتمثَّل هذا الفساد من وجهة نظر العينة في طلب رشوة أو تقديم خدمات خاصة للحصول على العقد بنسبة (37.3) في المئة، أو صرف المستخلصات المستحقة (34.5) في المئة، أو التغاضي عن عدد العمالة. وحول العوامل المساعدة على انتشار الفساد المالي في المملكة، أظهر المسح الميداني، أن ضعف الوازع الديني، جاء في مقدمة هذه العوامل، تلاه التساهل مع مرتكبي الفساد، ثمَّ غياب الشفافية والوضوح، ثمَّ الإجراءات الحكوميَّة المعقدة، بينما جاء الاحتكار والسوق السوداء كآخر العوامل من وجهة نظر عينة الدراسة. ونبهت الدراسة التي أعدها منتدى الرياض الاقتصادي والمقرر انعقاده يوم الاثنين المقبل، إلى المخاطر والتأثيرات السلبية للفساد على الاقتصاد الوطني، وقالت أنَّه يتسبب في تعثر المشروعات، وتعطيل خطط التنمية وانحرافها عن مسارها، وتعطيل تنفيذها وبلوغ أهدافها في الأوقات المحددة، كما يقود إلى تدنِّي الخدمات الاجتماعيَّة، وتخفيض الاستثمارات الأجنبية، وتقليص حجم إيرادات الدولة، والعشوائية في التعيين والترقيات دون النظر للمصلحة العامَّة، وانتشار البطالة الحقيقية والبطالة المقنعة، وتسرب الكفاءات من الأجهزة الحكوميَّة نتيجة الإحباط، وتفشي الرشاوى والمحسوبية بين أفراد المجتمع. من جانبه نفى الأمين العام لمنتدى الرياض الاقتصادي، حدوث أيّ تغيير في نتائج الدراسات التي تَمَّ اعتمادها للمنتدى في دورته السادسة، مؤكِّدًا أن الدراسات ترتكز على أسس علميَّة وبحثية يقوم بها مختصون ولا يتدخل في عملهم أيّ فرد للتأثير على النتائج والتوصيات. وأضاف الدكتور أحمد الشميمري: لم نتلق أيّ طلب من أية جهة بتغيير النتائج والتوصيات، بل لن نسمح بتدخل أحد في عملية البحث والاستقصاء والدراسات الميدانية، والنتائج تظهر سواء أعجبت أم لم تعجب الجهات المعنية بالدراسة ويَتمُّ طرحها بكلِّ شفافية ووضوح خلال المنتدى». وأبان بأن العمل قائم على قدم وساق، وتَمَّ الانتهاء من كافة الترتيبات المتعلقة بانطلاق المنتدى يوم الاثنين المقبل.