كتب الله الموت على كلّ حي فلا يبقى أحد إلا الله جلّ في علاه هكذا الدنيا اجتماع وافتراق وصحة ومرض وحياة وموت، فالموت أن أخذ عزيزًا علينا تكدّرت خواطرنا وذرفت عيوننا حزنًا وقد فجع قلوبنا خبر وفاة الأستاذ والأديب والباحث والكاتب والمؤلِّف والمؤرخ والإعلامي سلمان الأفنس الشراري (ابن طبرجل البار) -رحمه الله- ووالدينا وجميع موتى المسلمين. أبو إبراهيم علمٌ من إعلام المملكة وخصوصًا منطقة الجوف، القلم يخجل في الكتابة عنه والأفكار تتسابق في الحديث عن شخصه والمواقف تتزاحم لوصفه فالحديث عن شخصه ليس من مجاراة الواقع أو زيادة في التباكي أو استجداء النحيب لا... وإن كانت قلوبنا منفطرة وأنفسنا متحسرة والدموع واكفة، وأنا هنا لست ممن يحبون المبالغة في المدح والإطراء. ولكن من باب الإنصاف لهذا الكاتب المبدع الذي أفنى عمره وصحته في خدمة الأدب والتاريخ والموروث الشعبي العام والخاص لقبيلته. وهو نائب رئيس رابطة الأدباء العرب وعضو الاتحاد العام للصحفيين العرب وعضو شرف اتحاد المؤرخين العرب في تراث القبائل وأنسابها وممن ساهم في إثراء الحركة الثقافية والأدبيَّة بالمملكة على مدى أكثر من أربعة عقود قضاها بين الكتابة الصحفية والبحث والتأليف، كما أنّه من المؤسسين للنادي الأدبي بمنطقة الجوف في عام 2002م وعضو شرف بنادي منطقة تبوك الأدبي ونادي جازان الأدبي، وعضو المجلس الثقافي بدار الجوف للعلوم، وعضو هيئة الصحفيين السعوديين، وأحد مؤسسي نادي طبرجل الرياضي، وهو أول رئيس للجنة الثقافية في محافظة طبرجل التابعة للنادي الأدبي بالجوف عام 1428ه، وعمل محررًا في عدَّة صحف ومجلات محليَّة وخليجية، ومن مؤلفاته العديدة نذكر منها كتاب الملك عبد العزيز فارس الهوية العربيَّة، وكتاب السمح، وكتاب الإبل، وكتاب الدحة، وكتاب موسوعة التراث وغيرها الكثير.....الخ، وكما حاز على عدَّة أوسمة وطنيَّة ودروع تكريمية منها درع مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ومن الأوائل الذين وضعوا بصمة كبيرة في مجال التأسيس الإعلامي لإظهار مدينة طبرجل في كلِّ المحافل التي لم تكن معروفة إلا من خلاله، وكأنني بهذه المدينة تبكيه وتودعه وليس من الغريب محبة أهالي طبرجل له وحزنهم البالغ عليه، كُلّما تذكروا مؤلفاته ومكتبته وتفانيه للحصول على المعلومة ومناقشاته وحواراته وإحياء وإبراز تراث طبرجل والمشاركة في المهرجانات الداخليَّة والخارجيَّة وخصوصًا مهرجان الجنادرية وغيرها... فلا اعتقد أن المراثي والتباكي سيحقق لنا عملاً أو يفتح لنا مغلقًا. فالصَّادق في حبه والمتأثر من قلبه يقوده الحزن الحقيقي والحب الصَّادق إلى آمال أبعد وآمال أعظم بحيث تُّنشر كتبه ومقالاته ومآثره ويحقِّق آماله وطموحاته ويرسخ أفكاره في قلوب الباحثين والصحفيين الشباب المبتدئين وينمي روح المغامرة والتفاني في العمل وتوثيق تاريخ وطنه ومدينته طبرجل وعلينا ترجمة هذا الحب إلى عمل وتطبيق هذه المشاعر واقعًا، فأقول أولاً إذا مات الاسم بقي الأثر. رحمك الله يا كاتبنا وأديبنا الحبيب وأنا أتعجب من بعض الأقلام التي جفت عند وفاته ولم تكتب عنه شيئًا بالرغم من أنَّها تتباكى على غيره. وحري بمثل هؤلاء الرجال أن يكرموا بما يذكِّر الناس بمواقفهم ويحي مآثرهم ويقدمهم للشباب نماذج عملية ناجحة ويبقى حقه علينا الدُّعاء.اللهم ارحمه واغفر له وأسكنه فسيح جناتك ووالدينا وجميع موتى المسلمين واجعل ما كتبه وما قدمه لوطنه ومنطقته ومدينته طبرجل في موازين حسناته وتغمَّده الله بواسع رحمته.