للمساجد والجوامع منزلة رفيعة في الإسلام، ومكانة سامية في نفوس المسلمين، فهي بيوت الله -تعالى- التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل إعمارها من علامات الإيمان، فقال -تعالى-: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}، وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تُطيّب وتُطهّر. ومن وجوه العناية بالمساجد والجوامع: صيانتها، وتشغيلها، ونظافتها، وبالأخص ما يكون منها عرضة للتلوث والاتساخ كالمراحيض، والمواضئ. وهذه المسألة -أعني مسألة الصيانة والتشغيل والنظافة- من المشكلات القديمة التي لا تزال موجودة، وأن صيانة المساجد ونظافتها ليست على المستوى المرجو الذي يطمح إليه ولاة الأمر في المملكة، وهذا أمر يعترف كل المسؤولين على قطاع المساجد، ويقرون أن الأمر يحتاج إلى مضاعفة العمل، وتضافر الجهود بغية الوصول إلى المستوى المأمول. ولاشك أن هذا الاعتراف والإقرار من المسؤولين ظاهرة صحية، تبشر بأن الأعمال جارية لحل المشكلة؛ لأن الاعتراف بالمشكلة يعد الخطوة الأولى لمعالجتها، والعمل على إزالتها، وتحقيق المستوى اللائق بالمساجد من النظافة والصيانة والتشغيل. وهذا هو الحاصل بالفعل في الوزارة المعنية بالمساجد، وهي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فهناك جهود مبذولة، وأعمال موصولة، وخطط موضوعة، يتوقع -بإذن الله تعالى- أن تظهر نتائجها تباعاً في وقت قريب -إن شاء الله-. وبما أن نظافة دورات المياه مشكلة قديمة، فإن حلها يحتاج إلى وقت وجهد، مما يستدعى التخفيف من جدتها، والحد من آثارها -عاجلاً-، ريثما يتم علاجها بشكل نهائي. وتوضيح الفكرة أن الوضع الحالي لدورات المياه أنك تجد المراحيض مفتوحة على المواضئ، فلا تقتصر مشكلة الأوساخ والروائح الكريهة على مستعمل المراحيض، بل يعاني منها -أيضاً- من يريد أن يجدد وضوءه في المواضئ، وإن لم يستعمل المراحيض. فرأى معالي الوزير أن فصل المواضئ عن المراحيض، وجعلها خارج دورات المياه منعزلة عنها، يقلل من المشكلة بحيث إن شريحة كبيرة من المتوضئين -وهم من لا يريدون الدخول إلى المراحيض، بل يحتاجون إلى تجديد الوضوء فقط-، لن يضطروا إلى الدخول إلى أماكن التلوث والروائح، وتكون هذه المواضئ مصممة تصميماً علمياً يكفل الناحية الجمالية والعملية في حل المشكلة، وهي فكرة قد تم الشروع فيها منطقة الجوف، ووقف الوزير بنفسه على الأعمال الأولى لبدء المشروع. ولا يخفى أن هذه الفكرة من معالي الوزير، وإشرافه بنفسه، على تنفيذها، واختبار جدواها بحضوره يدل على ما قدمته من أن هذه المشكلة تنال العناية والاهتمام من كبار المسؤولين في الوزارة، وفي مقدمتهم معالي وزيرها -حفظه الله-.. والله ولي التوفيق.