على مرِّ السنوات العشرين الماضية، عملنا بالتعاون مع علامات تجارية عالمية كثيرة، في مسعى منّا لمساعدتها على رصد «الاكتشاف الثوريّ التالي» لها. وفي أولى مراحل العمل في هذا الاتّجاه، يتّضح أنّ هذه الأخيرة تملك الكثير من الأفكار الجيّدة، وأنّ المشكلة ليست أبداً مشكلة إيجاد أفكار- في البداية، إذ يكمن التحدّي في مواصلة إطلاق الأفكار الثوريّة على مرِّ السنين. وفي عالمنا الدائم التواصل اليوم، يبدو أنّ الشركات تواجه صعوبة متزايدة في إيجاد الأفكار. وبعد أن أخذنا ذلك في الحسبان، بدأنا نعمل على توثيق أفضل المهارات ضمن مختلف الفئات ودراستها، لدى الشركات التي نتعامل معها وأصحاب المبادرات الداخليين فيها. وفيما يلي خمس مهارات وظيفيّة قد تأتي بالفائدة: 1. تطوير استياء إبداعيّ: لا شكّ في أنّ الشعور بالرضا حيال الوضع الراهن ليس حليفًا أفضل أصحاب المبادرات داخل الشركات. وفي الأوقات الحسنة، حيث تكون العائدات جيدة، ويشعر العملاء بالرضا، ويبلغ الجميع ظاهرياً الأرقام المنشودة على صعيد الأداء الفصلي، لا يشعر أصحاب المبادرات الداخليون بالامتنان، ويُظهرون حاجة إلى شعور بالاستياء الإبداعي، مع الإشارة إلى أن الاستياء الإبداعي لا يتمثّل بالغضب، أو الامتعاض أو أي نوع من الانفعالات حيال الآخرين، بل هو انزعاج حيال حالتك الذهنية الراهنة. وعندما يشعر صاحب مبادرات داخليّة بالاستياء، يطرح أسئلة كبيرة ويتحدّى نفسه والآخرين لإيجاد أفكار كبيرة. 2. اللجوء إلى التفكير التقاربي: تتبدّل قواعد اللعبة في مجال الأعمال بسبب التقارب – وهو عبارة عن عملية، تضيع فيها الحدود بين القطاعات، والشركات، والأسواق، والمناطق الجغرافية، و/أو تجارب العملاء، ما يسمح بنشوء فرص أعمال جديدة، في سبيل تلبية حاجات العميل وتحسين القيمة التي يحصل عليها. أمّا الجوهر في عملية التقارب المذكورة، فهو أنها تلقى توجيهاً من أشكال جديدة من المنافسة- ضمن القطاع الواحد وبين مختلف القطاعات – ومن انهيار الحدود الفاصلة بين الصناعات. ولا يقتصر التقارب على كونه جمعاً بين الأفكار والتكنولوجيا، فهو عبارة عن مهارة أساسية في مجال القيادة، تسمح للمؤسسات بتصميم المستقبل المناسب. 3. رصد المحاور: يطال التطوّر شتّى الأمور، والأشخاص، والأنظمة مع الوقت. ويولّد التغيير فرصاً للابتكار، وإن كان التغيير غير متناسب بحجمه، تنشأ فرصة بالتحرّك في وجهة جديدة تماماً – تكون بمثابة محور. وقد تتمثّل المحاور بالانتقال من التلفزيونات التي تبث البرامج إلى أفلام الفيديو المتفشية عبر الإنترنت، ومن أنظمة البريد الإلكتروني إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المكتبات العامة إلى «ويكيبيديا»، ومن الأطباء إلى الممرضات – علماً بأنّ كل ما سبق يشكّل أمثلة عن محاور. وكلّما زادت سرعة رصد المحاور، زادت سرعة قيامك بخيارات استراتيجية بين مختلف الأفكار الثوريّة التي ستساعدك في ابتكاراتك الكبيرة التالية. 4. الانقلاب على التقاليد الراسخة: يسمح رصد الأعراف أو الحدود القديمة السائدة في الشركات، والانقلاب عليها، بنشوء تطبيقات جديدة من نوعها. وقد تم استحداث بعض من كبرى العلامات التجارية في العالم عبر انتهاك التقاليد الراسخة في الصناعات. وهكذا، ما كانت مجموعة «ستاربكس» لتنشأ أبداً لو ساد الظن بأنه ما من مستهلك سيدفع أكثر من دولارين مقابل فنجان قهوة. 5. التفكير ببساطة: تتطلّب الابتكارات المبسّطة تفكيراً مبسّطاً – يتمثل بالقدرة على تصميم حلول تأخذ التكلفة في الحسبان، من أجل معالجة الاحتياجات الكبيرة التي لم تتم تلبيتها في أوساط العملاء الداخليين والخارجيين. ويحثّ التفكير المبسّط للأفراد على اللجوء إلى قدر كبير من الإبداع، في سبيل إنجاز الأعمال الروتينية ليس إلاّ. ومن المؤكّد أنّها ليست مسألة انتقاء ما هو رخيص، ففي ظل الضغوط اليومية ومحدودية الوقت والموارد والمال، بات من الضروري تقديم يد العون للجميع، في سبيل إيجاد طرق أكثر إبداعاً للابتكار. ومن خلال ممارسة هذه المهارات، سينجح فريق عملك في تحسين مهارات التفكير الحاسم والمبدع، ما يسمح بنشوء عدد كبير من الفرص التي ستغيّر قوانين اللعبة في مؤسستك.