باتت التقنية واستخداماتها وتحديدا في مجال الإنترنت، عاملا مساعدا في انتشار المعلومات والقدرة على التواصل مع المبدعين والمواهب الشابة، والتي قد تعيش في مناطق نائية وبعيدة عن المدن الرئيسية، إلى جانب أن انتشار التقنية في مجال العلوم تساهم في تقليل التكاليف وارتفاع الدخل القومي للدول. وتشير بعض الأبحاث العالمية أن كل 10% زيادة في انتشار الإنترنت واستخدامها، تؤدي مباشرة إلى زيادة 1.5% في الاقتصاد والدخل القومي، وهو ما ساعد دولا عدة على ارتفاع اقتصادها بناء على انتشار التقنية في مدارسها وجامعاتها ووصولها إلى مناطق بعيدة، خاصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي استفادت كثيرا من انتشار التقنية وتدريب العاملين فيها على استخدامات الإنترنت. المعلم والطالب لابد أن يتعلما المهارات اللازمة للتعامل مع بيئة التقنية كما أن انتشار المناهج في الإنترنت وبخاصة مناهج الرياضيات والهندسة واللغة الإنجليزية والعلوم وغيرها، ساهم في كشف كثير من المبدعين والموهوبين في المناطق البعيدة والتي غالبا ما تكون الأضواء غير مسلطة عليها، لا سيما إن كانت هذه المناهج مبسطة وميسرة ومتاحة بأسعار رمزية للطلاب والمعلمين. وشهد الأسبوع الماضي إطلاق مبادرة "تواصل" بين شركة الاتصالات السعودية وشركة "إنتل" العالمية وشركة "بدل"، وهي مبادرة تهدف إلى زيادة انتشار خدمات النطاق العريض (برود باند) وأجهزة الحاسب الآلي في مختلف مناطق المملكة، بناء على توجهات المملكة في نشر الثقافة المعرفية في جميع المناطق. وتشمل المبادرة محتوى تعليميا تفاعليا يشتمل على عدد من البرامج، مثل برنامج أساسيات الحاسب وهو برنامج للتعليم الذاتي يهدف لتعليم المستخدم أساسيات استخدام الحاسب الآلي إضافة إلى برنامج تعليم اللغة الإنجليزية يوفره المجلس الثقافي البريطاني لتعليم اللغة الإنجليزية للمستخدمين، مزوّد بقائمة تعليمات باللغة العربية لمساعدة المستخدم على تعلم اللغة الإنجليزية من تلقاء أنفسهم، كما يتضمن المحتوى التعليمي برنامجا يتميز بمحتوى التعليم الذاتي في مواد العلوم والرياضيات باللغة العربية تم تطويره من قبل شركة "إنتل"، ومصنف بحسب المراحل الدراسية -الابتدائية والمتوسطة والثانوية- وفق المناهج المعتمدة من قبل وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية. وهنا يؤكد جون دافيز نائب رئيس برنامج العالم إلى الأمام في شركة "إنتل"، في حديث خاص ل "الرياض" أن المبادرة هي محاولة لمساعدة المملكة بالنمو بالاقتصاد المعرفي، وأهم عمليات التطوير في التعليم هي تطوير عمل المعلمين وتحسين بيئة التعليم، مبينا أنه يستثمر حاليا في مجال مبادرات تطوير التعليم أكثر من مليار دولار حول العالم، منها 100 مليون دولار تقريبا تنفق سنويا، وكلها تصب في تحسين التعليم في العالم. وأضاف جون دافيز أن دور "إنتل" في البرامج التربوية هو حول كيف نحاول المساعدة في تحسين حياة الناس وتحديدا مساعدة المعلم ليستطيع استخدام التقنية بطريقة فعالة جدا داخل الفصل، ما يؤثر إيجابا على تطوير مهارات مهمة في الطلاب، لأن الأهم هو كيفية مساعدة الطلاب ليمتلكوا المهارات المهمة للنجاح. وتابع دافيز ان التربويين حول العالم أجمعوا أن من أهم المهارات في العالم في القرن الحادي والعشرين وهي القدرة على التعامل مع التقنية وكيفية الاستفادة منها، وهي مهارات لابد أن يمتلكها الطلاب، لأنه إذا جاء وقت التخرج فإن الطالب لابد أن يدخل إلى بيئة عمل مختلفة عن السابق، موضحا أن بيئة العمل مختلفة عن بيئة الدراسة العادية، لذلك لابد من تهيئة الطالب قبل تخرجه لكيفية تملكه لمهارات أساسية تساعد أن يتأقلم مع بيئة العمل الجديدة عليه. وأفاد جون دافيز أن الهدف من طرح المبادرات التعليمية هو جعل المعلم والطالب في الأماكن البعيدة ليعرف كيف يمتلك مهارات التواصل مع الآخرين ومهارات التعامل مع ما ينشر في وسائل الإعلام، ومهارات التقنية ومهارات التفكير الناقد عبر القدرة على التعامل مع المشاكل وحلها ووضع خطط لتحليل البيانات والمعلومات الكثيرة في الإنترنت. وبين أن المبادرات تهدف إلى مساعدة الشباب في تعليمهم مهارات متنوعة كالرياضيات والهندسة والعلوم، الأمر الذي يساعدهم في إيجاد فرص عمل أكثر، فهؤلاء نعتبرهم علماء صغارا ونتوقع تخرجهم من مدارسهم وتقديم أفكار إبداعية للبلد، وقد نجد بعضهم من يقدم بعض الحلول للبيئة عالميا فهم بهذه الحلول يقدمون حلولا للعالم وليس للمملكة، لذلك نحن نطورهم ونشجعهم على البحث والإبداع من خلال مثل هذه المبادرات وبالتالي يضيفون قيمة اقتصادية للمملكة. يشار إلى أن مبادرة "تواصل" تأتي استمراراً لنشر الثقافة المعرفية، ودعماً لرؤية الحكومة الرشيدة في بناء اقتصاد قائم على العلم والمعرفة، وتمكيناً للشباب السعودي للاستفادة من التكنولوجيا أسوة ببقية دول العالم، لا سيما في المدن غير الرئيسية، والتي تعاني في بعض المناطق من محدودية توفر وسائل الاتصالات الحديثة. علاوة على المساهمة في نمو اقتصاد المملكة. كما أن هذه المبادرة تدعم استراتيجية كل من الشركات المشاركة فيها والقائمة على التمركز حول العملاء لتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم، بالإضافة لتذليل الصعوبات أمام استخدام العملاء لأجهزة الحاسب الآلي من ناحية، واستخدامهم لشبكة الانترنت على نطاق واسع من ناحية أخرى.