كان مولده الصحراء، حيث «معجزة فوق الرمال» قاوم كل تحدِّيات الطّبيعة وتحدَّى كل معوقات النموِّ حين كان هناك من يحاول وأد هذا الوليد لتبقى بيئة تعيش على مقوِّمات الفوضى ويسود فيها من يعيش بلا قيود. كان ذلك اليوم مولد الفتيّ في قلب تلك الرمال المتحركة، حين غرس أوتاد الحياة مستعينًا بالله لتأسيس كيانًا حاميًّا للدين راعيًّا لإنسان هذه الأرض من رغبة الضياع الجامحة في نهب وسلب كل آمن، واليوم ومنذ 83 عامًا شبّ هذا الوليد مقاومًا كل رياح العصف التي حاولت اقتلاع تلك الأوتاد، وكل الهزات الجيوسياسيَّة التي بوجوده اقتلعت بذرات التناحر والتشرذم. استمرت قوة وبناء هذا الفتي تلهب نفوس الأقوام في وحدة خلاقة سطّرت في تاريخ الأمم وخريطة الجغرافيا كيانًا عظيمًا أركانه الاستقرار والأمن نبراس للنموِّ والنهضة بتلك المقدرات المحدودة متسلحًا بإيمان وسمو المنهج والهدف متشرفًا بأطهر بقع الأرض وأماكنها المقدسة خدمة وتشريفًا وبقيادة فذَّة حباها الله بالحب والعطاء مع شعبها وتحرص على كلّ ما هو لرفعته ونهضته، أضحت تحت ظله راحلة المؤمنين إلى ديار الله المقدسة تمشي بلا خوف أو وجلّ، تزحف باطمئنان وتؤدة. اختصر المنهج عقود الزمن الطويل في حياة الأمم والشعوب، أضحت مكتسبات الأرض تعلو في بناء الوطن، في إِنسانه قبل بنيانه. سخَّر الله له قيادات تتوارث الهمم ليعلو الشأن إلى القمم تقود مراكب الوطن إلى برِّ الأمان وتحميه من غدر الطامع والزمان، اليوم، ليس كل يوم تُزرع الأرض بكلِّ عطاء ويشع النور في كلِّ الأرجاء كَبُر الغرس في الأبناء في نتاج يباهي به كل الأرجاء. في هذا اليوم يحتفل هذا الفتي ب83 عامًا في زهو وافتخار وقد أصبح مكانه بين الكبار، اليوم تتلاطم من حوله الأمواج وهو محصنٌ بمشيئة الله وعزم القيادة، يتألَّم لأنين جار ويسهر اللَّيل والنهر في تضميد جراح شقيق وصديق. هي مقوِّمات العطاء التي أثمرت هذا الكيان العظيم بلادي ووطني المملكة العربيَّة السعوديَّة، اليوم وكل يوم له منَّا كل الولاء، كما الأجداد بالوفاء، دعونا من صوت هنا أو هناك من يحاول اجتزاء بعض التفاصيل ليخلق شائبة في جسد الوطن في تقدير غير مسؤول وحين يغمض العين عن جوار يتألَّم صباح مساء وحين يذبح أمنه واتلفت مقدراته حين غاب عن مسيريه العقل عن التدبير وأُعميت البصائر عن التفكير. إن كل ذي نعمة محسود وهناك من يتربص بنا من خارج الحدود سيموت على صخرة الوطن. أبناء وطني.. تلك هي نعمة نعيش فيها نشكر الله عليها، نحن أبناء هذا الكيان سواعدنا بعد الله تحميه، لُحمة هذا الكيان في تدبر كل وسيلة تتاح لنا في تلك الفضاءات الفسيحة أن نجعل منها أدوات لبناء الوطن ورصّ الصفوف، نخلق من إرادتنا وإبداعاتنا خطوط دفاع عنه ومكتسباته وصونًا له من كل عابث، ودمت وطني عزيزًا شامخًا. السفير/ دهام عواد الدهام