جسدت اللجنة المنظمة لسوق عكاظ شخصيات الشعر العربي الفصيح في الجاهلية (الأعشى، والنابغة الذبياني، وعنترة، وزهير بن أبي سلمى، وكعب بن زهير)، عبر نماذج تمثيلية يقدمها بعض شباب الوطن في جادة عكاظ، في خطوة أتاحت للزوار إمكانية لقائهم ومحادثتهم وسماع بعض أبيات الشعر الشهيرة لهذه الشخصيات وأخذ الصور التذكارية معهم. وكانت هذه الفكرة الخلاقة قد لاقت استحسان زوار جادة عكاظ، وإثارة فضولهم وسط أجواء جمعت المتعة بالفائدة، بحسب مجسد شخصية النابغة الذبياني عبدالله السليماني، مؤكداً أنه يستمتع بتقديم هذه الشخصية، ويجد الترحيب من الزوار، مبيناً أن تقمص دور الشخصية بهذا الشكل يمنحه مساحة كبيرة ليبدع، ويتيح للزائر عيش الشخصية بواقعية متناهية. من جهته عدّ خبير الماكياج لفريق جادة عكاظ سلطان النهاري تظاهرة عكاظ الأبرز في تاريخه العملي في مجال الماكياج الفني للممثلين، مثمناً للجنة المنظمة إتاحة الفرصة له وللممثلين للإبداع، من خلال توفير الأدوات من أزياء واكسسورات لتصوير شخصيات العصر الجاهلي. وحققت المشاهد التمثيلية التي تقدم على جنبات جادة عكاظ نجاحاً كبيراً خلال دورة عكاظ الحالية، من خلال المشاهد التمثيلية المرتبطة بعكاظ قديماً، التي تحاكي المشاهد التاريخية قبل 1400 عام، مع التركيز على حياة الشعراء والخطباء وصقل اللغة العربية في عمل مسرحي على طول الجادة، يشارك فيه عدد كبير من الشباب المتطوع من أبناء محافظة الطائف. وتهدف الأعمال المسرحية على طول جادة عكاظ لنقل زوار عكاظ إلى جو ثقافي تاريخي يُرسخ في أذهانهم اللغة العربية، والشعر العربي وجدارة وقدرة خطباء وشعراء العرب، وجزالة شعرهم وقولهم وفصاحة ألسنتهم، ما يسهم في تعزيز مفهوم الثقافة العربية ومفهوم الاعتزاز بلغة القرآن الكريم ووجوب المحافظة عليها بكل الوسائل الممكنة وتعزيز وتأصيل هذا الإرث التاريخي العظيم. من جانب آخر أكد المدير التنفيذي لسوق عكاظ الدكتور راشد الغامدي أن جميع أنشطة سوق عكاظ في دورته السابعة وما تحويه من عناصر فكرية وأدبية وثقافية وعلمية وتراثية تعبر عن رؤية سوق عكاظ وأهدافه المتمثلة في مد الجسور بين الماضي والحاضر والمستقبل ومحاولة إثراء الزائر ومنحه الفائدة والمتعة في آنٍ واحد. وأوضح الدكتور الغامدي أن أنشطة جادة سوق عكاظ تزخر بالعروض الثقافية والتاريخية، وعروض الشعر العربي في المسارح المفتوحة، وعروض الخيل والإبل، والعروض المسرحية وعروض الفنون الشعبية، إضافة لعروض الحرف والصناعات اليدوية، والمقتنيات الأثرية والتراثية، وما تقدمه الأسر المنتجة، والدورات التدريبية للمهتمين بالحرف اليدوية. وبيّن المدير التنفيذي لسوق عكاظ أن نحو 589 ممثلاً بالإضافة للخيل والإبل يشاركون في فعاليات الجادة، ونحو 200 متطوعاً و 40 إدارياً ومشرفاً يقومون على تنظيم الزوار والعروض، وينتشر باقي العدد في المعارض الممتدة على جنبات الجادة، لافتاً إلى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تقدم عملاً ملموساً استفادة من الجادة كالتطوير وتنظيم الفعاليات التراثية والثقافية، وتقديمها لنصف مليون ريال كقيمة لجائزة الحرف اليدوية بالإضافة لمراقبتها جودة الخدمات في منشآت الإيواء. وعن النجاح الذي حققته أنشطة الجادة خلال الدورات الماضية استشهد المدير التنفيذي للسوق بالدراسة الصادرة عن منظمة السياحة العالمية التابعة « لليونسكو» تحت إشراف الهيئة العامة للسياحة والآثار، والتي صنفت الأنشطة المقدمة عبر الجادة بالجذابة، كونها استطاعت أن تجمع أنشطة عدة في أشكال مختلفة تحت مظلة التقاليد إلى جانب السجال الشعري، موضحة أن من بين عوامل الجذب التي تجير لصالح سوق عكاظ؛ الاهتمام بالحرف والفنون بأنواعها إضافة إلى عادات الغذاء والتظاهرات الاجتماعية والعادات التي تصاحب المناسبات المختلفة والتي تزخر بها المملكة. ووصف الدكتور الغامدي الأحداث التي تدور في الجادة باللوحة البانورامية، التي يلمسها زائر سوق عكاظ حين يدلف إلى جادته، حيث الطقوس المفعمة بعبق الماضي، عبر الأجنحة المرتصة على جانبي الجادة المجسدة للرحلة لشيقة للأمس البعيد.