الشاعر الشعبي هو ابن المجتمع المسلم العربي السعودي، الذي ينطلق من وازعه الديني الإسلامي وعادات وتقاليد مجتمعه السعودي الأصيل المشرّفة، حيث "مكارم الأخلاق ذائعة الصيت" التي يتوارثها الأجيال في الوطن الغالي، الذي عُهد عن أبنائه الشجاعة، والوفاء، والكرم، والجود، والإيثار، وكل ما له صلة بحُسن الخلق كالحلم، والأناة، والعفو والإعراض عن الجاهلين، والشاعر الشعبي إذ يشيد بمن هذه صفاته النبيلة فإن هذا ما استقاه من ثقافته الإسلامية وعادات وتقاليد مجتمعه السعودي المشرّفة، وقد ورد في باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير في - رياض الصالحين - قال الله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (سبأ 39)، أي يعطيكم عوضاً عنه، ويعوِّضه عليكم، إما في الدنيا أو في الآخرة، لأن بيده سبحانه خزائن الرزق. وعن جابر رضي الله عنه قال: (ما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط فقال: لا) متفق عليه. وفي باب (حُسن الخلق) قال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ (آل عمران 134). وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقاً" متفق عليه. لهذا جاءت نماذج الشعر الشعبي المتميزة من النصوص للشعراء المتميزين متماهية مع هذه المعاني الرفيعة النبيلة السامية بتوثيق دقيق يعكس أمرين؛ الأول: أحقيَّة من وثّقت أسماؤهم ومواقفهم الخالدة بما وصفوا به، والثاني: تَمكُّن الشعراء من تخليد هذه المواقف للأجيال الحاضرة والقادمة. يقول الأمير الشاعر خالد الفيصل في الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-: قرّوا لك أصحابك وقرّوا لك عْداك إنك حكيم أيّامنا يابصرها يا ثابتٍ إلى اعتَرى غيرك اِرْباك يا قادمٍ إلى انثنى من قهرها يا مدركٍ لى ضاع بالناس الادراك يا جبرها لى صار غيرك كسرها ويقول الشاعر عطاالله بن خزيم -رحمه الله- في الأمير عبدالعزيز بن مساعد -رحمه الله-: عبدالعزيز بن مساعد حجا الذي تجلا ويوجس بالعظام عياب تعوّد على المعروف والجود والسخا وله هيبةٍ منها الرجال تهاب خَذْها بزين الراي والفعل والورع وراعت له الدنيا بزين أسلاب ومنها قوله: يا مفرص البُولاد يا مرهق العدا يا اللي على قبّ الجواد عقاب يا مزبّن الجالي يا بوعبدالله يا سيف يا اللي للعدا قصّاب لك سلّة ياوي والله سلّة على كبد العدا مثل سمّ الداب ويقول الشاعر عبدالرحمن العطاوي في الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-: مدحه مع الأجواد عطرٍ إلى شذى في كل مجلس سمعت اذني نوايجه ترفع له البيضاء على رأس ما علا وفي كل نادٍ مشعلاتٍ سرايجه ومنها قوله: هذا يجي حبٍ وهذا لفزعه وهذاك محتاجٍ وتقضى حوايجه هو غيث وسمٍ ينبت العشب والكما وفي غيره الأمداح بالحيل بايجه غيثٍ يعمّ بنفعه الأرض كلّها يغد السنين أطناف مسبل شجايجه ويقول الشاعر الشيخ بطيحان بن محمد بن بطي بن منيخر - رحمه الله- في الأمير محمد بن سعود الكبير -رحمه الله-: مرباع شيخٍ بالمواجيب مذكور تجذبك بالغدرا سعيرت مضوفه تلقى الحمايل دايمٍ عنده حضور في مجلسه والشيخ يدعي ضيوفه ومنها قوله: هذاك شقرانٍ إذا عسّم الشور درب الخطر ياطاه لوبه كلوفه هو ذخرنا لامن نفذ كلّ مذخور وهو الذي بالجود تندى كفوفه نسل الشيوخ مطوّعت كل مسطور حكّام نجد اللي ربت في كنوفه كم حلّةٍ داجو عليها بطابور كنّ الرعد والبرق لمعة سيوفه والجو من عجّ الرمك صار مغمور والشمس كنها في النهار مخسوفه