: أنا لحبيبي وحبيبي إلي، يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي... فأربكتني، أخجلتني، هزت ضلوعي بقوة، وذكرتني بأيامنا الخالية، حين تسللت إلى قلبي بدون استئذان، حين حاصرتني عيناك، حين كان بوحك صادقاً، مغلفاً بالحب، مليئاً بالأمل والأمان.. وكان قلبي يخفق فرحاً، أما روحي فكانت تنتشي طرباً، كنت أذوب أمامك، واتضاءل في رحاب حنانك ورقة إحساسك، واستسلمت حين قلت لي (أنت قدري) ومرت الأيام، وكنت أظن أننا لسنا كباقي البشر، وأن حياتنا ستحمل نكهة خاصة وعبقا منعشا لا يذوي، ولكن دوامة الحياة أخذتك مجبراً، ومع ذلك كنت أغني لك: شايف البحر شو كبير كبر البحر بحبك، شايف السما شو بعيدة بعد السما بحبك... لكن بعدك زاد، ومشاغلك كثرت، وطالت معها ليالي الشتاء الباردة، بأمطارها الغزيرة، ولياليها السوداء الكئيبة، والوجد يشتعل إليك، وذكريات أيامنا الجميلة تجلدني بقسوة، وانظر إليك وأنت نائم، يتفتت قلبي حزنا عليك واشفاقاً على تعبك، فأعود إلى حبك، أتحدى به الدنيا ومشاغلها.. وفي الصباح، ومع فنجان قهوتك، أغني لك: بعدك على بالي يا قمر الحلوين، يا زهرة تشرين، يادهب الغالي، بعدك على بالي.... وذات مساء، قلت لك بضجر وتعب: إلى متى كل هذه الهرولة في ملعب الحياة، فليس بالمال وحده تحيا البيوت وتعمر! لكن وعودك ازدادت وهناً، وثقتك بحبي ازدادت قوة، وركضك عبر الأيام والسنين ازداد سرعة.... أما أنا فازددت وحدة وعزلة ومرضاً، أناديك بكل لغات الدنيا وبكل أغاني فيروز، من قاع الليالي أناديك... ولا تجيب، لأن فهمك للحب مختلف، واستيعابك للعواطف أكثر عملية مما يجب... فرحلت، وأطبقت الباب خلفي بكل هدوء، وكتبت لك: ليالي الشمال الحزينة، ضلي اذكريني اذكريني، ويسأل عليّ حبيبي، ليالي الشمال الحزينة. الرياض