عادت الأنباء الواردة من واشنطن لتشكك في منح الكونغرس الرئيس أوباما تفويضاً بشن هجوم عسكري على مواقع وقواعد النظام السوري، إذ إن هناك تبايناً في مواقف الأغضاء في مجلس الشيوخ والنواب في كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والغريب أن مؤيدي العمل العسكري في الحزب الجمهوري أكثر من أعضاء الحزب الديمقراطي خصوصاً الليبراليين منهم الذين يرفضون الموافقة على البدء في عمل عسكري قد يتطور ليصبح حرباً طويلة، مذكرين بالعمليات العسكرية التي حصلت في العراق وأفغانستان. أما الجمهوريون فإنهم يطلبون أكثر من ضربة محدودة، وأن يكون الهدف إزاحة نظام بشار الأسد، إلا أنه لمناكفة الرئيس أوباما ولعرقلة تحركاته السياسية لن يكون دعمهم قوياً ومساعدته في تجاوز تردد أعضاء حزبه الديمقراطي في دعم القرار الذي ستتبين حقيقته يوم الثلاثاء القادم حينما يوجه أوباما خطاباً للأمة، في الوقت الذي تكون مناقشات الكونغرس الأمريكي قد بدأت. أوباما العائد من بطرسبرج متسلحاً بالانتصار المحدود الذي حققه في قمة مجموعة العشرين، حيث استطاع الحصول على تأييد 11 دولة ممن حضر قادتها القمة، وهو اختراق مهم كون «المعركة تمت على أرض العدو» باعتبار أن بطرسبرج مدينة قبارصة الروس الذين يعمل بوتين أن يكون منهم. وإحدى عشرة دولة، وإن كانت إسبانيا غير العضو منهن، إلا أنه رقم كبير يدفع أوباما أن يحاجج أعضاء الكونغرس بقوة ويمضي قدماً لإقناع الشعب الأمريكي. ولهذا فإن كل التوقعات تشير إلى أن أوباما سيحزم أمره نهائياً في خطاب الثلاثاء، ويكون خطاب حرب وبمثابة الأمر العسكري للقوات الأمريكية والحلفاء من دون أن يحدد موعد البدء الذي يرجع إلى جنرالات الجيش الأمريكي والجيوش المشاركة في الضربة والتي تأكد من أنها ستشمل حتى الآن إضافة إلى القوات الأمريكية قوات من كندا وأستراليا والدنمارك وفرنسا وتركيا ودعم لوجستي من دول عربية إقليمية. وعلى اعتبار أن يوم الثلاثاء القادم هو بدء العد التنازلي للعمليات العسكرية ضد نظام بشار الأسد، يتساءل المتابعون عن ردة فعل النظام وحلفائه، وقد خرجوا بتأكيدات من أن النظام لابد وأنه سيرد على الضربة، وأن الرد سيكون بلا فعالية لأن الضربات العسكرية ستكون من القوة بحيث تفقد النظام قدرته التي هي أصلاً ضعيفة من أن يكون رده مؤثراً، أما حلفاؤه فإنهم ينقسمون إلى قسمين، الدوليون والإقليمون، والمقصود بالأخير إيران والمليشيات الطائفية، وهما أيضاً ينقسمان إلى نوعين، فإيران لا يمكن أن تتورط في معركة خاسرة بالنسبة لها وستكون مبرراً ودافعاً لأمريكا وحتى لإسرائيل لمهاجمتها وربما إسقاط نظام الملالي، أما المليشيات الطائفية من ضرب حسن نصر الله والجماعات الإرهابية في العراق واليمن ودول الخليج العربية، فهناك خشية من أن تقوم هذه المليشيات بعمليات إرهابية لتخفيف الضغط على نظام بشار الأسد. وهو ما سيدفع القوى الإقليمية إلى الرد عليها مما يقلص كثيراً من انتشارها وقواها. هذه التصورات تدفع كثيراً من المراقبين إلى القول إن العمليات العسكرية ستطول نوعاً ما، إلا أنها لن تستهلك ال90 يوماً التي طلبها أوباما من مجلس الشيوخ الأمريكي، لأن قوات النظام السوري وحلفاءه ليس لديهم القدرة للمقاومة ومواجهة كثافة وقوة نيران الحلفاء طوال هذه المدة. [email protected]