توقعتُ أن أستعيدَ الألمْ إذا انفكَّ خيطٌ ضئيلٌ بجرحي ولكنني صرتُ مثلَ الصنمْ فحزني كفرْحي.. وليلي كصُبحي * * * كنتُ أسابقُ الشمسَ، في منتصف هذا الصيف المرمَّد، بحثاً عن جمرةٍ ضاعت من بين أضلعي في منتهى صيفٍ مضى.. فقطعتُ سككاً وجسوراً من الفولاذ كانت تفصل بين أجفاني وعينيَّ، حتى وصلت بي الخطواتُ الضالة إلى حيث كان القدامى يصلون: بضعة غربان لا تسير كسرب إنما فرادى جمعتهم شهوةُ انتظارِ رمقٍ أخيرٍ يحسبونه سيتصاعد الآن من جسدٍ لم يعد قادراً على الاحتمال.. أمشي.. أراهم أقفُ.. أراهم أتنفَّسُ، كأنني لا أزالُ الحيَّ في ضائع الوقت والأسباب، متجمِّلاً بصبرٍ ليس من عندي ولم يكن يوماً من ضمن أثوابي.. أحدِّقُ في ظلالٍ رسمتها شموسٌ كثيرةٌ على أرضٍ قليلةٍ، فأراهم جيداً: واحدهم يشبه الكلَّ! * * * وماذا بعد..؟ تقولُ الحكاياتُ عن شاعرٍ كان مثلَ العصافير، يهوى الهواءْ فإنْ مرَّ قربَ البيوتِ: يحنُّ وإن حان وقتُ السكوتِ: يئنُّ وبين الصباح وبين المساءْ يجوبُ البراريَ، طيراً وحيداً له قلبُ نسرٍ وشكلُ النوارسِ يرتادُ قفراً على شكل ماءْ ويحضُ تسعين غولاً.. جهولاً ويستفُّ رملَ الكهوفِ التي غابَ عنها.. وجاءْ ليمسحَ كفّيهِ في آخر البئر ثم يعودُ لمرتكنٍ.. في سلامٍ يحبُّ السلامَ، هوَ؟ بل يحبُّ الحياةَ.. يحبُّ الحياءْ ولكنه لم يزل - في الخفاءْ - يختلي بالمرايا.. ليهديَ للموت كلَّ الوجوهِ، ومن ثمَّ يبحثُ في نبضهِ- عَبَثاً - عن عَزاءْ فمن ذا يُعزَّى بهذا العَراءْ..؟! [email protected] الرياض