لدى وزارة التربية والتعليم مخزون تراثي رائع من الوثائق التربوية التي تحكي قصة تاريخ مسيرة التعليم في بلدي الحبيب، وهي تمثل أكثر من نصف قرن من الزمان. ولكن المشكلة التي حدثت لهذه الوثائق أنها لم تلق العناية اللائقة بها من قبل الوزارة خلال السنوات العشر الأخيرة وما قبلها بقليل، فالباحث في تاريخ التعليم في بلادي يعاني من وجود المصادر التي يحتاجها في بحثه، خصوصاً في الوثائق التربوية وتاريخ التعليم، وعندما كنت في الوزارة حاولت جاهداً البحث عن مسيرة تلك الوثائق وحقيقة وضعها ومكانها الطبيعي. واتضح لي أن هذه الوثائق لم تلق الاهتمام المأمول بها ولم تقدر حق قدرها، فكانت كالطائر المهاجر كل فترة في إدارة تتنقل من إدارة إلى إدارة عبر السنين. فمرة في الإشراف التربوي، ثم نقلت إلى إدارة البحوث التربوية، ثم نقلت إلى إدارة المكتبات، وعلمت أنه عندما قامت دارة الملك عبدالعزيز مشكورة بإصدار كتاب عن: (الوثائق التاريخية لوزارة المعارف في عهد وزيرها الأول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله (1373ه - 1380ه) وثائق وإحصاءات مختارة، قامت بطلب الوثائق التربوية للوزارة لترميمها وفهرستها نقلت إليها في عهد الوزير محمد الرشيد، وحتى الآن وهي لدى الدارة تحت العناية والصيانة، وفي ظني أن وجودها بالدارة وهي متخصصة بالوثائق والتاريخ أولى من وجودها بالوزارة التي لم تلق منها إلا الإهمال. وما تبقى من وثائق وهو قليل، وضعت في مكتبة الوثائق في الوزارة في شارع الوزير وهو مبنى دار الكتب الوطنية السابق، وللأسف حتى ما تبقى لم يلق العناية اللازمة، وضعت أول الأمر في كراتين ثم لما بدا للوزارة إنشاء مكتبة للوثائق حاولت ترتيبها حيث وضعت في دواليب حديد، ثم عندما زرتها قبل أشهر وجدت أن الوزارة أسندت مهمة ترتيبها إلى مؤسسة وبدأت في الترتيب ولكن يبدو أنه عشوائي. وأرى أن وجود وثائق تربوية للوزارة أمر في غاية الأهمية لأنها كنز ثمين ولا غنى للوزارة عنها، واعتقد أن الوزارة سوف تحتاج الوثائق يوماً ما عند اشتراكها في بعض المعارض الدولية والداخلية وعند حاجة الوزارة للتوثيق التربوي أو إصدار نشرات أو كتب عن الوزارة وسوف تخسر الوزارة القيمة العلمية والتاريخية لهذه الوثائق. كما أرى أن على الوزارة إما طلبها أو طلب نسخة من وثائقها الموجودة بالدارة ووضعها في مكتبة الوثائق التربوية بالوزارة التي لا يوجد فيها إلا النزر اليسير لتكون في متناول الباحثين من منسوبي الوزارة وغيرهم. وهذه الوثائق لا غنى للباحثين عنها لما فيها من مادة جيدة لتاريخ التعليم في بلادنا ورجاله القدماء الذين أفنوا أعمارهم في التعلم وخدمة التعليم في مملكتنا الحبيبة رحم الله الأموات منهم وأطال الله في أعمار الأحياء منهم. أملي من وزارة التربية والتعليم بالاهتمام في مكتبة الوثائق بالوزارة ودعمها مادياً ومعنوياً لكي تقوم بعملها لخدمة الباحثين والمهتمين بالتاريخ عامة، والله الموفق. قبلان بن صالح القبلان - موظف سابق بوزارة التربية والتعليم