من يلوم الخادمات الهاربات، وهن يبحثن عن زيادة في المرتب الشهري تعادل ثلاثة أضعاف رواتبهن فيما لو عملن بشكل نظامي داخل بيوت كفلائهن؟ وحتى لو كانت رواتبهن النظامية حسب العقد، تصلهن بشكل منضبط شهرياً؟ بل حتى لو كانت معاملتهن راقية، وكمية العمل قليلة جداً، ولو تم منحهن إجازة أسبوعية؟ فلن يبقين بسلام داخل البيوت، فمن يلومهن وهن يدركن أن نظام العقوبات رخو وهش في حال تم القبض عليهن، والأمر ينسحب أيضاً على السماسرة الذين يتاجرون بهن؟ أحياناً أتساءل، ماذا لو تم وضع نظام وعقوبات صارمة على مخالفي نظام الإقامة بالنسبة للعمالة المنزلية، كما هو الأمر بالنسبة للعمالة بشكل عام؟ صحيح أن مراقبة العمالة داخل المنازل أمر صعب، إن لم يكن مستحيلاً، لكن من استطاع أن يضبط العمالة الوافدة، ويحرّك السوق بهذا الشكل، ويقنن ارتباطهم بالمؤسسات والشركات بدلاً من كونهم مجرد عمالة سائبة في المدن والقرى، ويمنحهم مهلة لتصحيح أوضاعهم أو مغادرة البلاد، لهو قادر أيضاً أن يضع العمالة المنزلية في الخندق ذاته، ويفرض العقوبات على من يؤوي عمالة منزلية سائبة، فلا أكثر استهتاراً وسخرية من أن يتصل أحدنا برقم جوال سمسار مواطن أو وافد، ويجادله حول سعر خادمة منزلية أو سائق خاص، دون أن يشعر هذا السمسار بأي قلق أو خوف من ارتكابه هذا الفعل غير النظامي! لا أعتقد أن مواطناً مخلصاً لم يشعر بالأمن والطمأنينة حينما بدأت متابعة العمالة غير النظامية، حتى لو كان السوق سيتعثر لفترة من الزمن، بسبب شح الأيدي العاملة السائبة، والتي تلجأ لها بعض المؤسسات والشركات عند تنفيذ مشروعات أكبر من طاقتها، بما يؤثّر على وفرتها، وأسعارها أيضاً، وبما يزيد من أسعار السلع والخدمات في السوق، لانخفاض العرض من العمالة عن الطلب عليها، وهذا في النهاية سيؤثّر على المواطن، خاصة في قطاع الإنشاء والتعمير الذي تسعى وزارة الإسكان إلى ضبط مستويات أسعار العقار، على مستوى الأراضي والمباني. ولا شك أن مراقبة ما يحدث في سوق العمالة المنزلية، خاصة مع قدوم شهر رمضان، هو أمر مهم، لأسباب عدة، منها عدم استغلال حاجة المواطن، وفرض أسعار فلكية، غير مقبولة، وقبل ذلك كله، مخالفة الأنظمة بتأجير خادمات هاربات من بيوت كفلائهن، أو سائقين هاربين، مما يساعد على انتشار مختلف أنواع الجرائم داخل المجتمع. أعتقد أن منح مهلة تصحيح أوضاع الخادمات والسائقين، بشكل محدد ومستقل عن تصحيح أوضاع العمالة، وفرض عقوبات أخرى على المتخلفات والمتخلفين عن ذلك بعد انتهاء المدة المحددة، وعلى المواطنين وغيرهم الذين أسهموا في انتشار هذه الفوضى، سيكون له أثر إيجابي على الجميع، مع الإسراع بإطلاق شركات استقدام العمالة المنزلية وتشغيلها، وجعل هذه الشركات فاعلة وكافية، بدرجة تغطي الطلب على هذه العمالة.