حديث الرئيس الروسي بوتين يوم الثلاثاء الماضي للتلفزيون الروسي لم يكن كلاماً عابراً حين قال: أسفت لأن الرئيس السوري لم يقم بإصلاحات سياسية، لو أنه فعل ذلك لكان جنب بلاده الحرب الأهلية. انتهى الآن يتحدث الرئيس الروسي بعقل ووعي يقدّم النصائح إلى سوريا بعد أن وصلت الحرب السورية إلى منعطف لا رجعة معه حيث تشكّلت الحرب من حرب ثوار ومتمردين ومنشقين إلى حرب طائفية بدخول حزب الله طرفاً بالحرب وإيران والعراق وروسيا لدعم الشيعة والعلويين، فبدلاً من أن تكون معركة ثوار أصبحت طائفية حرباً بين السنة والشيعة وهو ما كانت تتجنبه روسياوإيران والعراق من البداية, وإن كانت تلك الدول تريدها طائفية مبطنة, تريد حرباً تدعمها بالسلاح والجنود والمقاتلين دون أن تسميها باسم لكن الله أراد أن تنكشف النوايا المبطنة لحزب الله وإيران عندما اعتبروا القصير معركة المعارك ودخلوها علانية لتصبح معركة بين سنّة وشيعة. أمريكا الآن تتشاور مع بريطانيا, وأيضاً فرنسا تتشاور مع دول الخليج حتى لا يحدث لحلب كما حدث للقصير, وسلاح المعارضة انتقل حديثه من السر إلى العلن وقادم الأيام ستكشف عن مرحلة جديدة من الصراع وهي دورة تاريخية بدأت من وصول المتشددين في إيران للحكم أواخر السبعينات عام 1979م ثم الحرب العراقية الإيرانية العام 1980-1988م والمواجهات الإسرائيلية مع حزب الله في الجنوب اللبناني باجتياح لبنان عام 1982م, واحتلال صدام حسين للكويت عام (90م) ثم تحرير الكويت وما تلاها من أحداث 11 سبتمبر عام 2001م وغزو أفغانستان عام 2001م, ثم غزو العراق 2003 م حتى طلائع عام 2011 م الربيع العربي، هذه الدورة السياسية والتاريخية استقرت حتى هذه اللحظة على سوريا وتدخل حزب الله طرفاً في الحرب قد يكتب نهاية نفوذه السياسي والعسكري في الجنوب اللبناني وبداية عودة النفوذ السياسي السني للمنطقة من اندحار النفوذ الشيعي الذي كان مهدداً للبحرين والإمارات واليمن ولبنان. يحضر الآن لمعارك قادمة ستكون في سوريا لترتيب أوضاعها وتقليص النفوذ الشيعي أو قوى إيرانوروسيا وحزب الله لأن المحيط العربي تشكّل فيه السنة الأغلبية الكبرى، وأي نفوذ شيعي في الشام كان أيام حكومة الأسد وحزب الله أصبح غير مقبول بعد أن تحركت الثورة في سوريا وأصبح هناك ميل للحكومات الإسلامية السنية لحكم المنطقة, وسيعقبه مد سني وتيار إسلامي متصالح مع الغرب يحظى بالقبول، سيتم ترتيب جنوب لبنان وجبهة الجولان وتتعزّز جبهة الحوار الفلسطيني الإسرائيلي على اتفاق الدولتين, هذا السيناريو ليس تفاؤلياً وتخيلياً إنما دورة الأحداث التي بدأت من السبعينات الميلادية وأدت إلى هيمنة الأقلية الشيعية التي ترى أنها الفاعلة على الساحة الدولية, فربما حرب سوريا عجلت بإذن الله في نهاية الدورة الشيعية في الأراضي العربية.