أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    ترسية المشروع الاستثماري لتطوير كورنيش الحمراء بالدمام (الشاطئ الغربي)    "نايف الراجحي الاستثمارية" تستحوذ على حصة استراتيجية في شركة "موضوع" وتعزز استثمارها في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    غربلة في قائمة الاخضر القادمة وانضمام جهاد والسالم والعثمان وابوالشامات    تمديد الدعم الإضافي لمستفيدي «حساب المواطن» حتى نهاية 2025    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    866 % نمو الامتياز التجاري خلال 3 سنوات.. والسياحة والمطاعم تتصدر الأنشطة    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    مسرحية كبسة وكمونيه .. مواقف كوميدية تعكس العلاقة الطيبة بين السعودية والسودان    بحضور وزير الثقافة.. روائع الأوركسترا السعودية تتألق في طوكيو    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عدنان يصفق لوزارة الداخلية.. لكن ليس بحرارة
على خلفية شبكة التجسس الإيرانية ومجاهدي سورية..
نشر في الوئام يوم 28 - 03 - 2013

تناول الكاتب الصحفي أحمد عدنان في مقال له نُشر اليوم, قضيتين هما الأبرز تقريباً فيما يخص الشأن الداخلي, القبض على شبكة تجسس تعمل لصالح إيران وتصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية بشأن اعتقال المجاهدين السعوديين في سوريا لمخالفتهم الأنظمة.
القضيتان شغلتا الرأي العام داخلياً خلال الأيام القليلة الماضية. وبأسلوب يتميز بالعمق والتحليل والربط بين قضايا الشأن الداخلي وتأثيراتها على الخارج.. كان مقال “تصفيق لوزارة الداخلية: “مجاهدي" سوريا وخلية التجسس!”… وفيما يلي نص المقال:
“من يراجع كتابي (السعودية البديلة)، ومدونتي – الغائبة الآن لأسباب تقنية – سيجد أنني وجهت النقد تلو النقد لوزارة الداخلية حول قضايا متنوعة: التعامل الامني مع الملفات السياسية وبالتالي ظهور الدور السياسي للوزارة على حساب الدور المهني، الاعتقال التعسفي والمنع من السفر، هيمنة النظرة الأمنية للمشهد العام في المملكة، محاباة التيار المحافظ وتبني أجندته الفكرية والاجتماعية، اعتقاد التضاد بين “خدمة الأمن" و"حقوق الإنسان"، تجاوز نظام الإجراءات الجزائية، مرجعية الوزارة لهيئة التحقيق والادعاء العام بدلا من الاستقلال، إشراف الوزارة على السجون بدلا من وزارة العدل، وغيرها من ذلك من القضايا التي يمكن للمهتم مراجعتها في الكتاب أو في مقالي “الرسالة الثانية إلى وزير الداخلية" أو سلسلة مقالات “الثورة المضادة".
هذا النقد، لا أجد – إلى الآن – ما يدفعني للتراجع عنه، لكن لأن القضية ليست كراهية شخصية للوزارة أو الوزير، وليست دعوة إلى إلغاء وزارة الداخلية، وتأكيدا على أن القضية تنحصر في العمل العام والشأن العام، أتحرك اليوم في مسار آخر. خلال الأسبوع، برز حدثنان على صلة بالوزارة:
- اعتقال خلية تجسس تعمل لصالح إيران.
- تصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية: سنعتقل الذين ذهبوا للجهاد في سوريا لمخالفتهم الأنظمة.
وجوه متعددة لعملة واحدة
جاء تصريح المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية عن “مجاهدي" سوريا موفقا وفي محله مع أنه أتى متأخرا. كانت الأخبار تترى عن “استشهاد" سعوديين في سوريا بالتوازي مع تقارير تشير إلى تغلغل تنظيم (القاعدة) – عبر جبهة النصرة – وغيرها في جسد الثورة السورية.
كان التساؤل فاقعا بلا إجابة على الإطلاق: من حرضهم وساعدهم على الذهاب إلى هناك؟! من سمح لهم بالذهاب إلى هناك؟! ماذا سيفعلون بعد عودتهم وكيف سنتعامل معهم؟! (كان غريبا بالنسبة لي – ولغيري – إعلان بعض الوعاظ أمام الملأ عن جمعهم للتبرعات من أجل الثوار ثم إشاداتهم المتوالية ب “المجاهدين" السعوديين في سوريا بما يشبه التشجيع لغيرهم).
وجوه التيارات الإسلاموية عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت تدبج كلمات المدائح والتبجيل لهؤلاء “المجاهدين"، وبعدها صبت كلمات الغضب والاستياء على وزارة الداخلية بعد تصريح متحدثها (كان مع بعضهم كل الحق، حين لاموا المتحدث الرسمي على استخدام مصطلح “اعتقال" بدلا من مصطلح “توقيف").
من يسمون ب “مجاهدي" سوريا السعوديين (ولا أقصد هنا من ذهب لتقديم المساعدات الإنسانية أو العمل التطوعي كالطبابة)، هؤلاء – فلنقل أغلبهم – لم يذهبوا للجهاد في سبيل الله أو لأسباب إنسانية – كما يتوهم البعض أو كما توهموا هم – بل إننا نتحدث عن قنابل طائفية لم تستطع تفجير غلها الطائفي في الداخل فلجأت إلى الانفجار خارجا، ولا يخفى – استنادا إلى التجربة الأفغانية – أن هذه النوعية من القنابل البشرية، حين تحقق هدفها الخارجي، قد تبحث عن أهداف لها في مناطق أخرى – منها الداخل!، وهنا لا نتحدث عن قرينة اتهام أو دليل إدانة بقدر ما نتحدث عن أعراض أزمة وبوادر خطر. كانت الحكومة تساعد المدنيين على السفر إلى أفغانستان في زمن الحرب الباردة، وتلك جريمة، ومن الجيد أنها أدركت خطأها وتحاول منع التجربة في سوريا.
منذ بدأت الثورة السورية، أصر بشار الأسد على أن يصبغها باللون الطائفي ليطيل عمر نظامه وعصابته، هذه الصبغة – وحدها – هي التي تفتت الشعب الثائر وتدفع “الأقليات" إلى الالتفاف حوله لمواجهة “الأغلبية"، هذه الصبغة – وحدها – هي التي تجعل المجتمع الدولي يتردد ألف مرة قبل إعطاء الضوء الأخضر للحسم. لم يتجاوب مع مسعى بشار الأسد إلا إسرائيل والسلفيين!.
حين تصبغ الثورة السورية باللون الطائفي ويكون الصراع بين سنة وعلويين لا بين حق وظلم، تنتقل هذه الصبغة على الفور إلى الأراضي المحتلة، فتكون الصورة أمام العالم أن القضية الفلسطينية هي صراع بين سنة ويهود، فتضعف القضية الفلسطينية من داخلها حين يتم استبعاد المسيحيين واليهود والدروز الفلسطينيين وغيرهم من الصراع، وعلى الصعيد الدولي يغيب منطق الحق الإنساني – قطعا وفورا وحتما – حين يحضر منطق الطائفة. في لغة الطائفة: ستسوق إسرائيل وبشار أنهما مقتولان على الهوية أو سيقتَلان عليها بعد انتصار الطرف الآخر، والمقتول على الهوية يحق له – في لغة الطائفة ومنطقها – أن يقتل على الهوية.
لم يذهب “مجاهدو" سوريا السعوديون من أجل طفل يتم، أو امرأة رملت، أو طفلة اغتصبت، أو رجل فقد أطرافه، لقد ذهبوا – أو تم تحريضهم على الذهاب – من أجل إطفاء شهوة الدم الطائفية، أين كانت دعوات الجهاد في ليبيا ومعمر القذافي فعل في شعبه بالأمس ما يفعله بشار في شعبه اليوم؟! أين كانت دعوات الجهاد في فلسطين والمتطرفون الإسرائيلي يفعلون في الشعب الفلسطيني – أمس واليوم وغدا – ما يفعله – الآن – بشار في شعبه؟! أين كانت دعوات الجهاد في بورما (ميانمار) والمتطرفون البوذيون لا يختلفون – مطلقا – في جرائمهم العرقية والطائفية عن بشار وزبانيته؟!.
لم يذهبوا إلى ليبيا – ولم يحرضوا على الذهاب إليها – لأن شهوة الطائفية لم تشتعل داخلهم، لم يذهبوا إلى فلسطين وبورما لأن المريض بالطائفية يسيطر مقته على آخر الدين الواحد قبل آخر الدين المختلف. الطريف ان محرضيهم يتباكون على غياب التدخل العسكري الدولي في سوريا، وحين تدخل الناتو في ليبيا وصفوا العملية بالمؤامرة والحرب الصليبية والإرهاب الدولي! (هناك حجة سمجة مفادها بأن “المجاهدين" لم يستطيعوا السفر إلى ليبيا – رغم البحر المفتوح حينها – ولا إلى فلسطين – رغم الأنفاق المعروفة – ولا إلى بورما – رغم الرحلات المتاحة – يحاولون من خلالها مداراة سوأتهم الطائفية لا أكثر).
المنطق الطائفي تقسيمي، في منطق الوحدة لا يمكن أن يستمر بشار الأسد في سوريا واحدة، لكنه احتمالات استمراره عالية وقوية في ظل سوريا مقسمة (سوريات). الحل التقسيمي في ظل ثورة – هناك من يسوقها للعالم على أنها طائفية – سيلقى القبول من باب خوف المجتمع الدولي على مستقبل الأقليات، وسيلقى القبول من الجانب الإسرائيلي لأن قيام دول طائفية بجوارها يعطي الشرعية لفكرة الدولة اليهودية. والمعضلة الأكبر أن المؤمنين بالضمير الإنساني لن يجدوا مفرا من الاعتراف بالحل التقسيمي وقبوله لأنه يعني – بالضرورة – تقليص مساحة الاستبداد ونفوذه!.
...........
ملاحظة: فكرة الدولة اليهودية تكتسب القوة والشرعية خارج محيطها – أمام المجتمع الدولي تحديدا – في حالتين: قيادم دويلات طائفية على حدودها، ازدهار قوى الإسلام السياسي وانتشاء حلم الدول الإسلاموية في المحيط العربي والإسلامي!.
..........
ما دخل السلفية المتطرفة بكل هذا؟! تتماهى السلفية موضوعيا من المنطق التقسيمي الطائفي الذي يحمله بشار الأسد والإسرائيليون، فهي لا تنظر للصراع في سوريا على أنها صراع بين حق وظلم، بل بين سنة وعلويين (وحتى العلويون الثوار يتمايزون ظاهرا من باب التقية)، ليس الصراع في سوريا – بالنسبة إلى السلفيين – الصراع السياسي الإنساني الذي يخضع لحسابات الربح والخسارة، بل هو صراع ديني طائفي يخضع لحسابات البقاء والإبادة. السلفي الذي ذهب ليقتل العلويين دفاعا عن السنة، شرع سياسة بشار الأسد التي تريد إبادة السنة بعد أن كان يريد إضعافهم من قبل. السلفي الذي نظر إلى سوريا على أنها كانتونات طائفية بين السنة والمسيحيين والعلويين والدروز، شرع المشروع التقسيمي الذي يحلم به بشار والإسرائيليون. بشار يريد سوريا مقسمة حتى يبقى، والإسرائيلي يريد سوريا مقسمة حتى يشرعن وجوده، والسلفي يعبد الطريق لكل ذلك بنظرته الطائفية التي تشي بعجزه عن التعايش وقبول الاختلاف (وهنا وجب التنبيه والتذكير: حين طرحت في بعض الأروقة الأميركية مشروع التقسيم في السعودية، كان خطاب السلفية المتطرفة يسيل – على عادته – داخل المملكة دامغا المنطقة الشرقية بالشيعة المجوس ودامغا الحجاز بالملحدين المبتدعين!).
السلفية المتطرفة هي الوجه الآخر من بشار الأسد أو تجارب حزب البعث، الجين الطائفي مكون جوهري في العقل السلفي وخطابه كما هو عنصر رئيس في التطبيق العملي لحزب البعث. لا يستطيع حزب البعث الوصول إلى الحكم إلا عبر دبابة، ولا يستطيع البقاء في الحكم إلا عبر الطائفية، في العراق وصل البعث إلا الحكم عبر الانقلاب العسكري، مارس طائفيته عبر إقصاء واضطهاد الأكثرية الشيعية لصالح الأقلية السنية، لا يختلف الوضع في سوريا أبدا، وصل البعث إلى الحكم عبر الدبابة، ثم مارس طائفيته عبر إقصاء واضطهاد الأكثرية السنية لصالح الأقلية العلوية. هذه الصورة تغيب مطلقا عن عيون السلفية المتطرفة، لذلك أصبحت تمجد صدام حسين (الذي حارب إيران واضطهد الشيعة) وتمج بشار (حليف إيران ومضطهد السنة) مع إنهما ينتميان إلى المعين نفسه، معين حزب البعث، وينتميان إلى المنطق نفسه، منطق الاستبداد والطائفية. تغفر السلفية المتطرفة جرائم صدام حسين ضد السنة: مذابح حلبجة والأنفال، احتلال الكويت وقتل الأسرى الكويتيين، احتلال الخفجي. كل ذلك مقابل إرضائه لشهوتهم الطائفية في اضطهاد الشيعة، متناسين تماما أنه فعل ذلك لأنه بعثي لا لأنه سني. إن ما نشاهده اليوم من التمجيد السلفي لصدام حسين، يجعلني أعتقد أن صدام كان تلميذا لابن تيمية وان حزب (البعث) ليس إلا غطاء للسرورية في العراق!. على كل حال، موافقة السلفية لطائفية واستبداد صدام حسين ورفضهم لطائفية واستبداد بشار الأسد مؤشر جديد على مرضهم الطائفي والعنصري، ولا شك أن دخولهم في نسيج الثورة السورية هو من عوامل إضعافها، فإذا تقسمت سوريا فقد تحقق مبتغى بشار الأسد والسلفيون والإسرائيليون، وإذا سقط بشار وقامت على أنقاضه دولة طالبانية في سوريا فتلك من أكثر أحلامه سعادة كما هي أحلام السلفيين والإسرائيليين أنفسهم، أما الدولة المدنية الديمقراطية فهي تلك التي لا يريدها أحد.. إلا الثوار الحقيقيون.
..........
ملاحظة: السلفية المتطرفة / بشار الأسد / إسرائيل / إيران وحزب الله : وجوه متعددة لعملة واحدة. كما يحلم السلفيون بدولة دينية قوية، يقابله حلم إيراني بهلال شيعي متصل، أو على الأقل دويلة شيعية تتصل فيها بعض المناطق في سوريا ولبنان وصولا إلى البحر المتوسط. هذا الحلم يمكن تحقيقه بسهولة في حال نجحت السلفية في تفتيت المجتمع السوري وطرحت مشروع دولة (الدويلة) لا مكان فيها لغير السنة (السلفيين حقيقة) عبر إقصاء الآخر أو اضطهاده أو إبادته. لا مكان لسلاح (حزب الله) في لبنان لأنه يكرس قيما لا تشبه لبنان، فقد سلاح (حزب الله) شرعيته منذ خروج إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، لكنه يستعيد شرعيته في 3 حالات: احتلال إسرائيلي جديد للأراضي اللبنانية، دفاعه عن دولة طائفية أو تأسيسه لدويلة طائفية، تنامي المد السلفي في لبنان في أوساط السنة على حساب الخط المدني الذي يمثله الرئيس سعد الدين الحريري. وهنا – لسخرية القدر – تقوم شرعية كل طرف على وجود الطرف الآخر (الضد)، وهكذا يكون الأضداد هم الحلفاء الموضوعيون فيما بينهم!.
..........
لم تكن جريمة هؤلاء – المحرضين والمسافرين إلى سوريا – المنزع الطائفي وحده، بل إن جريمتهم الأكبر هي ضرب فكرة الدولة. إن قرار الحرب والسلم حق محتكر للدولة وحدها، وإن محاولة انتزاع هذا الحق، أو مشاركته، جريمة بكل معنى الكلمة في أعتى الدول استبدادا وأعتى الدول ديمقراطية.
مهمة القتال على الحدود أو خارجها، هي مهمة الجيش وحده، وقرار تحريك الجيش هو قرار محتكر لمؤسسات الدولة، يمارس الجيش هذا الدور لأنه موجود من أجل القيام به، ولأنه مستعد لذلك ومدرب عليه. مهمة القتال لا تسند للمدنيين مطلقا إلا في حال الدفاع المباشر عن النفس والعرض والأرض، لا يحق للمدني مطلقا أن يزج بنفسه في حروب غيره لأنه غير مدرب وغير مستعد لذلك ولأن القتال ليس مهمته، ولأنه يعتدي على مهمة الجيش، ولأنه يعتدي على حق الدولة في احتكار الإكراه المشروع – داخل وخارج الحدود – ويعتدي على احتكارها لقراري الحرب والسلم.
إذا أراد السعوديون أن يقاتلوا فليرسلوا الجيش، أو فليدعوا إلى إرسال الجيش، أما أن يقفز البعض فوق فكرة الدولة وفكرة السيادة ويحرضوا المدنيين – غير المؤهلين – على الذهاب والقتال، فهذه جريمة يجب ان يحاسب محرضها ومنفذها، وحين يكون المنزع والمبتغى طائفيا دمويا يجب أن يكون الحساب مضاعفا.
فليسقط بشار عبر الجيش الحر، أو عبر الناتو، أم عبر الجيش الإسرائيلي، أو عبر جيوش عربية، أو عبر المدنيين السوريين – على مختلف طوائفهم ومشاربهم – أما المدنيون السعوديون فواقعهم أولى بهم من واقع غيرهم. كما أن السياسة الخارجية السعودية كانت موفقة في التعامل مع الملف السوري: دعم المعارضة والجيش الحر، الانحياز للشعب السوري، مواجهة الانحياز الإيراني والروسي للنظام قدر المستطاع. وإن كان ثمة لوم يوجه للسياسة الخارجية السعودية في الملف السوري فهو يوجه من يمينها لا من يسارها، فالقاصي والداني يعرف أنه لا حل سريع وحاسم في سوريا إلا بتكرار التجربة الليبية توازيا مع موافقة الاقتراح القطري بإرسال قوات عربية (ربما قوة الجيش الحر أعفت العرب من الهذا الاقتراح)، لذلك كان التمني من السياسة الخارجية السعودية أن تدعم هذا الخيار/ الحل.
بيان وبيان
قرأت البيان الذي أصدره وجهاء القطيف والإحساء اعتراضا على بيان وزارة الداخلية عن خلية التجسس. ما لفتني في البيان غياب الأسماء اليسارية التي اعتادت أن تشارك في بيانات المنطقة الشرقية كنجيب الخنيزي ويوسف مكي وزكي أبو السعود (ويمكن ضم جعفر الشايب بشكل أو بآخر).
كان لافتا أن يوقع على البيان اسمان معروفان باعتمادهما خط الحوار والمصالحة مع النظام (الشيخ حسن الصفار، د. توفيق السيف)، هذا الاسمان هما اللذان هندسا عودة المعارضة الشيعية في مطلع التسعينيات إلى البلاد. لكن توقيع (الصفار) و(السيف) رغم لمعانه ضمن أسماء البيان لم يكن مستغربا، فالملاحظ منذ ارتفاع وتيرة التوتر في المنطقة الشرقية قبل عام أو أكثر، أن خطاب (الصفار) تتحور زواياه من التدوير إلى المباشرة، وأن خطاب (السيف) المعروف بأفقيته يتموضع إلى العامودية. ومن الواضح أن التغيير الطارئ على خطابي (الصفار) و(السيف) مرتبط بمآلات خطابهما الأصل وبظروف الشارع ومزاجه.
الحملة التي بدأت تنسجها الصحف السعودي ضد البيان الشيعي وموقعيه، لم تلتفت إلى ما يجري على خطاب (الصفار) و(السيف) من تحولات، وكأن الغرض هو شحذ الاستقطاب لا أكثر!.
..........
ملاحظة: بعد انتفاضة 1400 في القطيف، لجأ (الصفار) و(السيف) إلى إيران، لكنهما خرجا منها حين أراد رئيس الجمهورية – آنذاك – علي خامنئي استخدام المعارضة الشيعية كورقة إيرانية ضد السعودية، فغادرت المعارضة الشيعية من إيران إلى دمشق، ومنها إلى لندن. وحين احتلت الكويت من صدام الحسين وجيشه دعا (الصفار) و(السيف) أبناء الطائفة الشيعية في السعودية إلى دعم النظام والتطوع في الجيش ضد العدوان الذي استهدف السعودية كما استهدف الكويت.
..........
قد لا يبدو البيان الشيعي مفهوما للبعض، فبيان وزارة الداخلية (الأول) حول خلية التجسس تمتع – على غير العادة – بصياغة ممتازة وموفقة، فهو لم يضع طائفة بأكملها في خانة الاتهام – كما فعل في بيان سابق قبل عام وأكثر – ولا بد من الاعتراف بأن صياغة بيان الوزارة تستحق الإشادة كما استحق تصريح المتحدث الرسمي عن “مجاهدي" سوريا السعوديين. لم يذكر البيان الأول اسم “إيران" – وإن كانت الصحافة السعودية هي من فعلت، وسواء ذكر اسم إيران أو لم يذكر فإن ذلك لا يجب أن يسبب حساسية في القطيف والإحساء. والأهم من ذلك أن وزارة الداخلية أنها لم تتحرك من تلقاء نفسها، بل هي تتحرك بناء على معلومات من جهاز المخابرات الذي يقوده الأمير بندر بن سلطان (وهو أحد مهندسي مصالحة التسعينيات بين المعارضة الشيعية والنظام، وهو معروف بكفاءته كما هو كعروف بابتعاده عن النفس الطائفي).
لقد صدر البيان الشيعي لعدة أسباب منها الواقعي ومنها الموضوعي:
- أن خيار الحوار والمصالحة في الطائفة الشيعية، بمنطق الطائفة، استمر نحو عشرين سنة يصرف من حساب الطائفة لحساب الوطن، لكن جمهور هذا الخيار لم يجد – من وجهة نظره – المقابل المطلوب والمستحق لهذا الصرف.
- أن خيار الحوار والمصالحة وجد نفسه في خانة الاتهام من جمهوره في ظل حالة الاحتقان والتوتر السائدة داخل الأوساط الشيعية منذ نحو عامين توازيا مع حالة الاستقطاب الطائفي في المنطقة بأسرها، هذه الخانة خلقت فجوة بين أصحاب هذا الخيار وبين جمهورهم، لذلك كان لا بد من اللحاق بالشارع قبل أن يتجاوزهم أو يحاصرهم.
- أن خيار الحوار والمصالحة لم ينجح من وجهة نظر جمهوره، في تحويل الملف الشيعي من قضية أمن إلى قضية مواطنة، ومن الصعب إقناع الجمهور بأن فشل التحول لا علاقة له بخيار الحوار والمصالحة بقدر ما هو وطيد الصلة ببنية الجهاز الرسمي وثقافته التي تسري على غيرهم كما تسري عليهم.
- أن خيار الحوار والمصالحة خشي من أن تتفاقم أزمة التجسس لتصبح إضافة إلى الملف الأكثر تعقيدا في الإحساء والقطيف (السجناء المنسيين)، إضافة إلى تخوفه من جهاز قضائي لم تطله عمليا أيادي مشروع الملك للإصلاح إلى الآن!.
- أن خيار الإصلاح والمصالحة لم يجد الدعم الكافي لتكريس وجوده أمام جمهوره، فهو يذهب إلى الجهاز الرسمي بأياد مثقلة ثم يعود إلى جمهوره خالي الوفاض. ولا أتعجب إن اتجه الجمهور إلى الغضب نتيجة اليأس والإحباط، أن تلحق به نخبة انتقلت من مرحلة قيادة جمهورها إلى تمثيله!.
- ولا نغفل أن نشاط التيار السلفي في مرحلة الاستقطاب على إيران، لم يكتف بالتحرك خارج الحدود، بل اعتبر أن من ذروة مهامه قيامه بمعركة ضد إيران داخل الحدود، وإذا كانت معركة النظام مع إيران داخل الحدود تستند إلى وقائع وبراهين منطقية ومادية على الأغلب وفي نطاق محدد كما أوحى بيان وزارة الداخلية الأول عن الخلية، فإن معركة السلفيين مع إيران داخل الحدود – كالعادة – تقوم على منطق بقاء ووجود الذات مبني على فناء الآخر وفي فضاء مفتوح يتجاوز الوحدة الوطنية! (ومن باب العدل والإنصاف، أجد أن فقرة الملف الشيعي في خطاب د. عوض القرني إلى الأمير نايف بن عبدالعزيز – الذي تسرب مؤخرا – يعد تقدما قياسا بالخطاب السلفي).
على الصعيد الخارجي، نحن أمام مشكلة حقيقية على مستوى المنطقة إذا لم نكرس أن الخلاف مع إيران هو صراع سياسي وليس حربا دينية وطائفية ضد الشيعة كلهم، كما أن الصراع في سوريا سياسي ضد بشار وحزب البعث لا حرب طائفية تستهدف العلويين والأقليات. لا بد من التمييز الحاسم بين إيران وبين الشيعة العرب، وعدم السماح لحالات فردية وشاذة بان تعكر النسيج الوطني والاجتماعي والسياسي في الضفة الأخرى من الخليج. وعلى الصعيد الداخلي نحن أمام مشكلة كبرى إذا نظرنا إلى الملف الشيعي على أنه مسألة أمنية، نعم يجب أن نتعامل بحسم وحزم مع قضايا الإرهاب والتجسس بيد الأمن وبيد القضاء العادل والعلني، لكن خارج التجسس والإرهاب – والجريمة عموما – يجب أن تحضر السياسة، وإذا لم تحضر السياسة لتكريس قيمة المواطنة تفوقت صناعة الأعداء على صناعة الأصدقاء، فنصنع بأيدينا دوامة جهنمية من الظلم والدم نعرف كلنا كيف بدأت، لكن لا أحد يعرف كيف تنتهي!.
..........
ملاحظة : حين شنت وزارة الداخلية حربها على الإرهاب، قالت أن المواجهة الأمنية ليست كافية، وأنها بحاجة إلى مواجهة فكرية أيضا. هذا المنطق إذا استدعيناه إلى حالة التوتر في القطيف نقول: أن هراوة الأمن لا تكفي لصد الجواسيس والإرهابيين، ولا بد أن تحضر جزرة السياسة (لا أقول ان كل أهالي القطيف إرهابيين وجواسيس كما يقول البعض أو كما يريد البعض، لكن كما انساق سعوديون خلف المشروع الدموي لتنظيم القاعدة وطالبان، لا استغرب أن ينساق آخرون خلف مشروع إيران الدموي والتوسعي).
ملاحظة: كتبت في (تويتر) أنني لا اعرف أحدا من المتهمين في قضية التجسس، فرد علي متابع قائلا: “نحن نعرفهم، ونعرف أنهم وطنيون". في القضايا الجنائية لا يمكن أن نحكم من منظور العلاقات الشخصية، كل ما نستطيعه هو تمني الالتزام بالأنظمة ومعايير العدالة وحقوق الإنسان في التوقيف والتحقيق، ثم إحالة المتهمين إلى القضاء ليبت في حالهم بين الإدانة أو البراءة. وهنا لب المشكلة، أن غياب القضاء المؤهل يدفعنا إلى اعتماد المشاعر الشخصية كحكم عدلي مبرم، كما أن تخوفنا من تكرار تجارب سابقة يدفعنا إلى النظر بريبة وشك في عملية الاتهام والتوقيف والتحقيق.
..........
لم أجد البيان الشيعي موفقا من الناحية السياسية، وإن كنت أتفهم دوافعه ومبرراته، لكن هذه الدوافع والمبررات لم يكن متاحا علاجها بصورة أفضل في ظل طريق مسدود في منظور أصحابه على الأقل. وضلوع إيران خلف عمليات إرهابية داخل المملكة أو زرع خلايا تجسس ليس مستغربا البتة، فقد تم القبض على شبكات (تجسس أو إرهاب) تتبع في إيران في كل من: اليمن، الإمارات والكويت. كما ان تحركات إيران العدائية والإرهابية واضحة في العراق وفلسطين ولبنان وسوريا. إننا في حالة مواجهة مع إيران، وليس هناك ما يغري أو يوجب – لأي طرف – أن يقف في الصف الإيراني، لكننا نريد أن نضرب إيران لا أن نلطم أنفسنا، ولا نريد أن نتوهم أننا نضرب إيران بينما نحن – في الحقيقة – نحقق الهدف الإيراني ونضرب أنفسنا!.
التصفيق الهادئ
تصريح المتحدث باسم وزارة الداخلية – الموفق والمتأخر – عن “مجاهدي" سوريا السعوديين ليس كافيا، لا بد أن تتبعه ملاحقة ومحاسبة المحرضين على “الجهاد" في سوريا – خصوصا وأن الوزارة تعرف المحرضين جيدا – وان يخضع المحرضون و “المجاهدون" لكل معايير العدالة وحقوق الإنسان أثناء التوقيف والمحاكمة العلنية النزيهة.
وصياغة بيان وزارة الداخلية الأول عن خلية التجسس الإيرانية، كانت محكمة وموفقة، لكنها يجب أن تعكس توجها جديدا لا مجرد التوفيق في اختيار محرر الصياغة.
هذه المرة أصفق لوزارة الداخلية، لكنني لا أصفق بحراراة!.
رابط الخبر بصحيفة الوئام: أحمد عدنان يصفق لوزارة الداخلية.. لكن ليس بحرارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.