غيمة تحمل أحلام الماضي، وتطل المُزن بزهوٍ وأظل في مكاني، رائحة المطر تسوقُ البشر المُتعطشين للبِشرِ وللفرح، للنجاة من الجفاف الذي ضرب أراضيهم، يشربون الماء الآسن ويعصرون الشجر. ثرثرة تحملها الصحاري الصامتة مئاتُ السنين، هَمْهَمَةٌ أشباحها تسكن كل شبرٍ من الأرض. حكاياتٌ أنثرها بين حين وحين، وأُغني معها أنشُودة المطر. القطرات المنسابة من رحم السماء حديثة عهدٍ بربها، طاهرة نقية تسقط على رؤوسِنا فتمتص كل هم وأرق. باردةٌ تختلط بأحلامنا وأمانينا، وتدلف إلى قلوبنا فتغسلها بالماء وتزكيها. يلعب الصغار وتعلو ضحكاتهم تحت المطر، إنهم يحبونه لأن قلوبهم الصغيرة تشبهه، لا شيء يستحق لنخفي ابتهاجنا بقدومه! الكفوف الشحيحة عن البذل تخجل من المطر الذي تغرقنا عطاياه.. ويُلْبِسُنا حُللاً من كرم المولى، فنتسربلُ بعظيم هداياه سبحانه. وحين يرحل المطر تولد الوحشة، وتختفي الأيادي السخية، ويظل الرجاء بخالقنا قوياً، ليعود من جديد. كل عامٍ أنتظره، ومظلتي في يدي، وعيوني مزروعة في كتل ركامية لها وميض، وسحبٌ يسوقها الرعد بزمجرته. ما أجمل السماء وكل خير ٍ ينزل منها يبلل شفاهنا، ويرطب ألسنتنا بذكرٍ حسن.