قال تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) (هود: 6)، أي ليس شيء يدبُّ على وجه الأرض، من إنسان أو حيوان إلاَّ تكفَّل الله برزقه، تفضّلاً منه وكرماً، فكما أنه سبحانه الخالق، كان هو الرازق. عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس) متفق عليه. (العرض) بفتح العين والراء: هو المال. قال الشاعر: إذا ما كنتَ ذا قَلْبٍ قَنُوع فأنتَ ومالكُ الدنيا سَوَاءُ ومكارم الأخلاق إضافة إلى الدين الإسلامي الحنيف كلها تحث على عزة النفس والقناعة والاباء والشيمة، دون أدنى إخلال بتفعيل (الهمَّة) والبحث عن مصادر الرزق الحلال الشريفة بعيداً عن التقاعس، والاتكالية، وتَدنِّي الإنتاجية التي لا تعود على الذات بخير - بل إنها تضرّ ولا تنفع - مهما تشدّق البعض بالمبررات الواهية التي لا تستند إلى دليل أو أدنى حجّة مُقنِعة لها صلة بالمنطق السوي والعقل السليم. والشعر الشعبي الجزل منذ أقدم العصور المتلاحقة حفلت نماذجه المُشرِّفة بما يتواءم مع المُشار إليه - وإن خَفَتَتْ في الآونة الأخيرة - وتيرة القصائد التي - يُفترض - أن تكون امتداداً لنهج الآباء والأجداد في توجّه عزّة نفوسهم وقناعاتهم بدلاً مع الأسف - من بعض نصوص الجيل الحالي (ولا أعمِّم) - التي تكرّس للتسوّل والتقاعس عن العمل وبرود الهمّة وتدنِّي سقف الاعتبار كمحصلة نهائية (من حيث يدري أو لا يدري أصحاب هذه القصائد ومَن نهج أفكارهم أو باركها بِصمته دون أن يستهجنها). يقول الشاعر الكبير بدر الحويفي الحربي: الناس مثل الماء بهم صفو واحثال سبحان ربٍ كوّن الناس من طين وقسّم طبايعهم على عدّة أشكال وعطاهم التمييز بالفكر والعين وأفكارهم متخالفه دق واجلال وبعقولهم مهما حصل فرق راضين العفو يا جيلٍ طلع بعده اجيال جهّالهم عن نهج الاسلاف غادين ومنها قوله: وانا ما عمّْ الناس ماني بهزَّال واجد رجال الخير والمستقيمين وكبار الشعراء في تاريخ الشعر الشعبي الناصع كانت نصوصهم وستبقى خير شاهد على القناعة وعزة النفس ومكارم الأخلاق بل (والتعّريض) بكل من كانت غايته - المحدودة - المال ليس إلا..! يقول الشيخ الشاعر تركي بن حميد رحمه الله: اللي جمع مالٍ ولا أدَّى نوايبه لعلّْ ماله ورثةٍ وارثينها هذاك مثل (الدّيك) يذِّنْ ولا سجد ينفع بها غيره ونفسه يهينها بل ان مما توارثه - الخلف من السلف - في أجيال المروءة والشجاعة هو تقديم كل أمر (مُشرِّف) على الجشع، ولنا في موقف الشيخ الشاعر راكان بن حثلين (قدوة) في مواقف نخبة الرجال في تقديمه لقيمة جواده المعنوية على كل قيمة مادية أو ما سواها يقول رحمه الله: جوادي اللي كل شيخٍ بغاها ولاني لعلم اللي يبيها بسمَّاع تهيالي الحمرا وانا أقصى هواها لا طار ستر مخوتمة عشر الاصباع لاجات سرة ساعةٍ ما وراها عند التوالي تعترض مثل فراع عند الطحوس اللي هفت في غذاها والخيل من ضرب المزاريق خراع ويمنى يقصّر فعلها عن حكاها تعدي من السمن المذوّب إلى ماع وإن كان غب الكون ما اطرى نباها تقصر عن الفنجال أبو خمسة أنواع [email protected]