في أربعة أيام فقط أغلقت أمانة الرياض ثلاثمائة وثمانين مطعماً مخالفاً للاشتراطات الصحية! كل هذه المطاعم تبيع للناس طعاماً يتم إعداده في بيئة تفتقر إلى الشروط الصحية، وبعض هذه المطاعم تحمل أسماءً شهيرة لامعة وتتقاضى مبالغ لا يستهان بها مقابل أطعمة فاسدة أو غير نظيفة أو يتم إعدادها في بيئة غير نظيفة! لا يملك الإنسان إلا أن يتساءل: إذا كان هذا يحدث في الرياض، وهي العاصمة مقر الوزارات والجهات الكبيرة المسئولة عن الصحة والبيئة، فكيف تكون الحال في أماكن بعيدة عن أعين الرقباء!؟ ما هي حال المطاعم في القرى والبلدات البعيدة عن عيون المفتشين ورجال البلدية؟ بل ما هي حال المطاعم المدفونة بعيداً والمتناثرة حول الطرق البرية في صحارى المملكة حيث لا رقيب ولا حسيب؟ نحن نعرف أن المطاعم في كل مكان في العالم ربما تظل بدرجة أو بأخرى متهمة بعدم النظافة وبمخالفة الشروط الصحية بسبب كثرة ما يقع فيها من مخالفات وبسبب طبيعة عملها واعتمادها المباشر على اليد البشرية العاملة التي يصعب التحكم فيها باعتبار الإنسان العامل ليس آلة وإنما بشر يمرض وينقل امراضه إلى الآخرين. ونحن كثيراً ما نُصدم حينما نقرأ عن مخالفات لمطاعم في فنادق كبرى من فئة الخمس نجوم في لندن وفي باريس وغيرهما من المدن الكبرى في العالم. لكن الفرق هو في المتابعة من الجهات الرقابية ذات العلاقة، فكلما ضعفت الرقابة زاد تهاون المخالفين واستهتارهم بصحة زبائنهم. ولذلك عندما تقع مخالفة من هذا النوع في تلك البلدان تصبح هي حديث الإعلام والمجتمع لأن الرقابة شديدة والمتابعة دائمة، كما أن وعي الناس وتعاونهم في إبلاغ الجهات الرقابية بأي مخالفات هي أيضا مما يساعد على الحد من هذه المخالفات. أعتقد لو أن الكثيرين منا يعلمون عما يجري داخل المطاعم لفقدت هذه المطاعم معظم زبائنها فوراً! يكفي أن ترى عمال بعض المطاعم حينما يخرجون في أوقات الصلاة أو الاستراحة وتلقي نظرة عابرة على ملابسهم وتتفحص هيئتهم كي تقرر الا تتناول حتى كأس شاي أو فنجان قهوة في تلك المطاعم! صورة تذكر بتجربة الكاتب المبدع «جورج أورويل» في ذكرياته عن التشرد والعمل في المطاعم في رائعته «متشرداً في باريسولندن». شكراً لأمانة الرياض على حملتها على المطاعم التي تغش الناس وتبيعهم الأطعمة الفاسدة او توظف عمالاً مرضى أو تخالف أي شرط من الشروط الصحية المطلوبة. لكن المأمول هو أن تكون الحملات مستمرة وشاملة. وليت جميع أمانات وبلديات مدن وقرى المملكة تكثف حملاتها من أجل صحة أفضل للجميع. [email protected]