دشّن برنامج «يا هلا» على فضائية روتانا خليجية مؤخراً وجهاً جديداً فرائحياً باسماً لفئة «الأدباء» التي تعاني اجتماعياً سيادة صورة نمطية بائسة، ألزمتها لعقود طويلة غياباً قسرياً حاداً عن حراك الناس وحيواتهم ومعاشهم اليومي المعتاد. يأتي هذا عبر ظهور الدكتور أحمد العرفج - عامل المعرفة وفق ما يصنف نفسه - مساء كل ثلاثاء من خلال فقرة ضمن برنامج «يا هلا» الذي يقدّمه الإعلامي علي العلياني، يعلق فيها العرفج بأسلوب ساخر فكاهي باسم على أخبار عامة وجادة نشرتها الصحافة السعودية ذلك الأسبوع. راصدون ثقافيون اعتبروا هذا الاتجاه إضافة بارزة من جوانب عديدة أهمها تقديم الأديب بصورته الحقيقة المليئة بالجمال والبهجة واللطف، لا كما تتصورها الذهنية المجتمعية العامة في إطارها النمطي البائس المتشائم المكتئب، مؤكّدين على أن الدكتور العرفج نجح إلى حد كبير في تغيير هذه الرؤية عن الوسط الأدبي والثقافي بوجه عام، ولا سيما أن الدكتور العرفج أحد الأسماء الأدبية البارزة التي تشكلت وبرزت ضمن إطار أدبي نقدي ثقافي معرفي عام، وهنا يقول العرفج ل«الجزيرة»: يبدو ذلك لارتباطي بمصطلح «عمال المعرفة» أولئك العمال الذين يتعاملون مع الواقع بكل واقعية، (لذلك يبدو العرفج أكثر ابتساماً وأقل حزناً). الملح المهم الآخر في هذا السياق الذي يدشنه «يا هلا» والدكتور العرفج هو اقتراب الأديب من هموم الناس وحاجاتهم والتعايش مع أحلامهم والتفاعل مع غاياتهم، بعد أن عاشا «الأديب والمجتمع» فصاماً مزمناً بقي الأديب طواله في برجه العاج الوهمي.. فيما مضى الناس من جانب آخر إلى حيواتهم دون أي ملمح من ملامح التقاء عملي خلاّق.. وحول هذا يقول العرفج.. وتحديداً عند السؤال عن نجاح الفقرة: أشكر لكم هذا الوصف وأرجو أن يكون صحيحاً وإن كان ثمة نجاح فهو للعزيز الصديق العلياني ولفريق العمل، كما أنني أدين للخلفية الثقافية والقرائية التي مدتني بالعمق المعرفي الذي أستعين به كلما احتجت إليه، وفيما يتعلق بنزول الأديب إلى قضايا الشارع فهذا هو الأصل ومن يلاحظ الأدباء الرواد من أمثال الأستاذ الجهيمان والعطار والأنصاري والصبان وغيرهم. يجد أنهم لم يبتعدوا عن هموم الناس، بل كتبوا وألحوا على المسؤول لإصلاح كل خلل.. ومن منا ينسى زاوية الأستاذ عبدالكريم الجهيمان التي كانت تحمل اسم «رأي فرد من الشعب» بصحيفة (الجزيرة)، ينقل فيها كل هموم الناس، مضيفاً: حتى لا نجلد الأدباء المعاصرين نقول إن مقولة ابتعاد الأديب عن مجتمعه فيها شيء من المبالغة ومن يتابع نتاج الروائي علي الدميني أو سعيد السريحي أو عبده خال يجد أنه أدب مغموس في مرق الواقع.