في البداية يجب أن أهنئ سمو أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه وسمو محافظ الأحساء وأسرة نادي الفتح البطل بهذا المنجز التاريخي الكبير المتمثل بالحصول على بطولة دوري زين السعودي للمحترفين الذي أسدل الستار عنه مؤخراً وحسمه نجوم الأحساء قبل نهايته بجولتين، لماذا فاز الفتح ؟! هذا السؤال الكبير يحتاج لعدة مقالات ولا أبالغ إنْ قُلت دراسات للإجابة عنه، لأن الحدث غير عادي بلا شك ولكن يمكن تلخيص أسباب تفوق الفتح من وجهة نظري المتواضعة عبر الآتي: - الفكر الإداري المُنير المستبصر، المهندس عبدالعزيز العفالق رئيس مجلس إدارة نادي الفتح شاب ثلاثيني طموح نال نصيباً وافراً من التعليم ويعمل في (أرامكو) السعودية العريقة التي يُسند إليها في الغالب المشاريع العملاقة العاجلة، وعندما أتى للعمل في النادي بدعوة من عمّه الراحل الرئيس السابق للنادي بدأ يستطلع أدوات الفريق، وبدأ العمل الجاد الطموح للتطوير والتحرك وفق الإمكانات المتاحة ولم يكن مستعجلا على النتائج إطلاقا، وعندما تسلّم رئاسة النادي أحضر معه فريقا عاملا جميعهم شباب من أبناء جيله فتضافرت الجهود مع حماس الشباب وحيويته وبدأ بصرف الأموال بحكمة وتوازن فجدّد الثقة بالمدرب التونسي القدير فتحي الجبال واستقطب عدة لاعبين من أندية متعددة فكانت النتائج ثمرات يانعات تسرّ الناظرين، يحق لي تسمية العفالق بعد كل ما عمله وحققه ب(مهاتير الكرة السعودية) نسبة لرئيس وزراء ماليزيا الأشهر الدكتور مهاتير محمد الذي قاد ماليزيا بالحكمة وحسن الإدارة والتطوير لتتحول من دولة عادية إلى إحدى دول (النمور الآسيوية) التي امتلأت نورا وتنمية. - الاستقرار الفني، لا شك بأن السرّ الكبير في الخلطة السحرية التي جلبت أقوى بطولة للأزرق الفتحاوي هي استمرار المدرب فتحي الجبال حتى مع النتائج السلبية والأوقات الصعبة لإيمان الفتحاويين الراسخ بأن الاستقرار الفني من شأنه صقل التجارب والاستفادة من الأخطاء في كل موسم، وهذا ما حدث بالضبط بداية بإعادة تأهيل العناصر القادمة من الأندية الأخرى ومروراً بالدعم المعنوي الهائل والتجانس والتفاهم الكبير بين مفاصل النادي ككل وانتهاءً بالتواضع مع كل انتصار وعدم الاسترسال في الفرحة على حساب العمل القوي المتناغم مع روح الأسرة الواحدة التي صنعها بامتياز فتحي الجبال مع عناصر فريقه، فكان من الطبيعي أن يكسب كبير آسيا وزعيمها الهلال الملكي ذهابا وإيابا ليبدأ بعد ذلك مشوار الحلم الكبير والطريق نحو اللقب بدت سالكة والحلم أوشك أن يكون حقيقة وهذا ما حصل. - لم يكن لكل ما سبق أن يتحقق لولا الدعم المادي من أعيان وأهالي الأحساء وعشاق الأزرق الفتحاوي على وجه الخصوص وحينها اكتملت معادلة النجاح التي تعطي الدروس للآخرين بأن العمل الجاد المخلص والرغبة الحقيقية بالإنجاز تثمر إنجازاً كنتيجة طبيعية ومنطقية، إن نموذج الفتح أثبت بصورة قطعية أن الانتصارات لا تأتي بالأمنيات والتغريدات وطريق الكؤوس لا يعترف بأشياء جالبة للحظ وطاردة للحسد والعين ! بل طريق الكؤوس والبطولات يعطي من يعطيه استعداداً جيدا ومتابعة دقيقة وزهداً في الظهور الإعلامي وترك المنجزات والأفعال لتتحدث عن نفسها، شكرا للفتح الكيان والرجال فإنجازهم التاريخي أعطى الدروس لمن يتعظ ويعتبر بأن العقل السليم هو من يكسب الرهان دائما وأبدا وعلى دروب الخير دوما نلتقي.