قد يعاب على بعض أحلام اليقظة أنها نتاج عدم القدرة على تحقيق أي من أمور حياتنا التي تندرج في مساحة الطموح، لكنها في الحقيقة احد المحفزات على إيجاد الفكرة التي تهيئ الذات على الخوض في البحث عن تحقيق ما جال في تلك الأحلام، وأهمها ما له صلة بالمجتمع ونجد منه الكثير في بقاع الدنيا، في كل العواصم. هذا الهاجس واستحضار حلم اليقظة راودني وأنا أعود للمرة الثانية لجزيرة السعديات في إمارة أبو ظبي هذه الإمارة التي تتغير نحو الأجمل في كل عام شكلت في مجملها بيئة حاضنة لكل ما هو جديد في بناء الإنسان بعد أن أخذت حقها في حضارة البناء العمراني والاقتصادي والسياسي. أعود للحديث عن جزيرة السعديات، التي أصبحت أقرب تحقيق للمتخيل تجاوزت فيه أبو ظبي الشك في إمكانية تنفيذه فأصبحت به وستصبح عليه مستقبلاً واقعا حقيقيا وليس خيال عابر، صفة لإنجازات صنعها رجال يعلمون أن فيها استدامة لنهج ثقافي حضاري يجمع القديم بالحديث بخطوط متوازية حق لها أن تلتقي في كثير من الأهداف سيمتد أثرها إلى أجيال تلو أجيال، جئت للسعديات المرة الأولى لتغطية معرض أرت أبو ظبي، لم يتسن لي الاطلاع على الكثير مما تحتضنه من مشاريع ثقافية عملاقة، أخذت الفنون حقها منها، بمختلف مشاربها وتخصصاتها مسرحاً كان أو تشكيلاً أو موسيقى إلى آخر المنظومة. لكني زيارتي هذه لحضور افتتاح معرض (نشأت متحف) كانت الأكثر مساحة من التعرف على كثير من هذا العالم الكبير من الانجازات الثقافية وحتى العمرانية في الجزيرة، كان منها مشروع متحف لوفر أبو ظبي برزت قيمته المعمارية في مجسمه الرائع الذي جمع فيه الشكل في المبنى مع ما سيحمله من معنى، من تحف وأعمال فنية من مختلف العصور، منها فنون عصر النهضة، ولأشهر الفنانين العالميين الذين عرفهم التاريخ وأصبحوا رموزا هامة في هذا المجال تتسابق على اقتناء أعمالهم أهم المتاحف العالمية. حظينا كمجموعة من الإعلاميين العرب والأجانب بجولة على المعرض الدائم لمشروع السعديات معرض «قصة السعديات» هو عبارة عن عرض تفاعلي سردي للرؤية التاريخية والثقافية التي تقف وراء مشروع السعديات، الجزيرة الطبيعية الجميلة في أبوظبي التي سيكتمل تطويرها بحلول العام 2020. والذي تبلغ مساحته 1.874 متراً مربعاً، شمل المعرض سرد مصورا لقصة السعديات واستعراض الخطط المستقبلية الطموحة للجزيرة. واطلعنا على نماذج مجسمة (ماكيت) لمشاريع تم انجازها وأخرى قيد التنفيذ أشير لها في احد زوايا المعرض بنبذة عن ما تحتضنه الجزيرة من مشاريع من بينها المنطقة الثقافية في السعديات -التي أصبحت منذ تأسيسها- حجر الزاوية للمشهد الفني والثقافي الآخذ بالتوسع في أبوظبي. وبينما تتقدم عمليات إنجاز متحف زايد الوطني، واللوفر أبوظبي، وجوجنهايم أبوظبي، أصبحت جزيرة السعديات بشكل متسارع مركزاً للفنون والثقافة في المنطقة، وذلك من خلال سلسلة واسعة من المعارض الفنية، والأنشطة، والبرامج العامة، والمبادرات التعليمية الحيوية التي تُقام في منارة السعديات، وجناح الإمارات. إنجاز يستحق التقدير من أجيال المجتمع الخليجي عامة والإماراتي خاصة ولأبوظبي كل المحبة والإعجاب. [email protected] فنان تشكيلي