كان غاية أملي أن أكتب عن آثار بلاد العرضيات وكان لدي شعاع من الأمل أن أجد شيئاً من تلك الآثار ثم يتبادر لي أحياناً أنني لن أوفق في ذلك حتى حصلت في النهاية ولله الحمد على نتائج ستكون في غاية الأهمية لباحثي الآثار وتبين لي بعد البحث والكتابة أننا بحاجة إلى إجراء مسح أثري للمواقع القديمة في بلاد العرضيات وتبين لي أيضاً أن دراسة حضارة بلاد العرضيات لا يمكن أن تكون بمعزل عن الهيئة العليا للسياحة والآثار وقد قمت منذُ مدة وبرفقة الأستاذ عبدالله الرزقي بجولة لمعاينة بعض من آثار العرضيات ووقفت عليها بشكل شخصي وإنني مدين للأستاذ الرزقي في الوصول إلى تلك النقوش حيث تعد كشفاً جديداً وقد مد لي يد العون لدراستها وتحقيقها ثم نشرها. هدفي من هذا المقال إعطاء فكرة عن الحالة الراهنة لتلك النقوش وإفادة الأثاريين عامة وأرجو أن يساعد جهدي المتواضع في التعرف على آثار وحضارة بلاد العرضيات التي لم نكتشف منها إلا النزر اليسير. وأود أن أضيف هنا أن في تلك الديار مواقع أثرية مهمة للأبحاث الآثارية مستقبلاً أما نقوشها فهي واحدة من مجموعة نقوش متفرقة ومتناثرة في مواقع عديدة بجنوب البلاد السعودية ومن المناسب أيها القراء الكرام أن تجمع النقوش المتفرقة في بلاد العرضيات ويجدها الباحث ضمن كتاب واحد. وسوف أدرج هنا أبعاد تلك النقوش والأماكن التي وجدت فيها وأود أن أستهل حديثي عن المراحل التي مرت بها آثار ونقوش بلاد العرضيات حيث مرت بثلاث مراحل تاريخية كانت المرحلة الأولى هي عهد الصيادين الأوائل وفقاً لنقوش عُثر عليها داخل كهوف تم اكتشافها، بها رسوم غزلان ووعول موغلة في القدم، أما المرحلة الثانية فهي المرحلة الثمودية وأسميناها بالثمودية نظراً للعثور على نقش ثمودي بجبل المكتّب في وادي كروان وتأتي المرحلة الثالثة مرحلة العهد الخثعمي والأزدي الأول حيث جاء الإسلام والأزد وخثعم هم سكان وأهل تلك الديار. رابعاً مرحلة العهد السعودي الثالث حيث كانت محافظة العرضيات قد انضمت إليه في مطلع الأربعينات الهجرية من القرن الرابع عشر الماضي. أما أهم تلك المواقع الأثرية في محافظة العرضيات فهي سوق حباشة الأثري حيث يقع بصدر وادي قنونا في شمال المحافطة وتكمن أهميته في وصول النبي محمد صلى الله عليه وسلم إليه قبل بعثته بتجارة لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها ويؤكد كبار السن بالقرية القريبة منه أنهم كانوا وما زالوا يطلقون كلمة السوق على ذلك الموقع وقامت الهيئة العليا للسياحة والآثار بتوثيق سوق حباشة وترميزه بحجارة وكتل خرسانية مكتوب عليها اسم الهيئة، ونناشد الجهات ذات العلاقة بالاهتمام بهذا السوق الذي تشرف بزيارة نبينا صلى الله عليه وسلم وإقامة فعاليات به أسوة بسوق عكاظ. أما الموقع الأثري الآخر فهو (ثميدة) وبه معدن من أهم المعادن في جنوب الجزيرة العربية وثميدة سلسلة جبال تمتد من وادي أبيان شمال محافظة العرضيات حتى جبال ثربان جنوباً. ثالثاً: موقع أثري بمكان يطلق عليه اسم أخليلة وبه نقوش وآثار أبقار وحشية. رابعاً: رسومات قديمة جداً في بلاد آل كثير. خامساً: جبل المكتّب في وادي كروان يوجد به نقوش ثمودية تعود كما أسلفت لقوم ثمود. سادساً: حياد السهبة ويقع شمال شرق مصنع أسمنت تهامة وبه رسوم لغزلان ووعول. سابعاً: موقع قنونا أو استراحة قنونا وبه مياه جارية وهو مكان يلجأ إليه الناس المسافرون قديماً للراحة كما قال أيوب صبري حينما مر به وذكر ذلك في كتابه مرآة جزيرة العرب (1289) ويقع هناك بذلك الوادي شاهد قبر الغريبة بالفائجة مبدوء بالبسملة مكتوب عليه (بسم الله الرحمن الرحيم اللهم نور السموات والأرض نوّر لمريم بنت قيس في قبرها) وهذا القبر أحد النقوش الأثرية التي تعود للعهد العباسي في القرن الثاني الهجري وقد وقفت عليه شخصياً. أ- نقش الشهادتين (لا إله إلا الله محمد رسول الله) بقرن الفرس بشعب بالحارث. ب- نقش ثمودي بجبل المكتّب بكروان. ج- نقوش شاهدية نبطية مكسر سارة بشعب بالحارث. د- نقش كف مكسر سارة. ه- رسم منقوش على صخرة كبيرة بأعلى شمال شرق حدبة الغبراء. و- ومن بين الآثار الحقيقية التي وجدت أوان فخّارية عثر عليها الأستاذ حسن إبراهيم الفقيه في الحوائر بحداب القِرِشَهْ ببلحارث أثناء بحثه لتحقيق موقع سوق حباشة وهي ذات طابع جاهلي قديم. ثامناً: مقابر الرسوس بثلوث عمارة وقد تم كشفها من قبل الباحث الرزقي (مشرف الآثار بمحافظة العرضيات تطوعاً) وقد قامت الهيئة العليا للسياحة والآثار بتسويرها بسياج وتسجيلها لديها في الهيئة. تاسعاً: موقع أثري تم اكتشافه حديثاً عبارة عن قناة أثرية تسمى عين الكظامة وتقع هذه العين في وادي النظر شرق مدينة ثريبان في تهامة العرضيات، وقد وقف عليها تلبية لرغبتنا أستاذ التاريخ بجامعة الملك خالد في أبها الدكتور غيثان بن جريس عندما مر بالعرضيات أخبرته عنها ووقف على ذلك الأثر يرافقه أستاذ الرزقي. وإنني هنا أشيد بجهود الأستاذ الرزقي المشرف تطوعاً على آثار محافظة العرضيات (وله مني وافر التقدير على جهوده) حيث أخبرني أنه كان متعاوناً مع وكالة الآثار التابعة لوزارة التربية والتعليم. والآثار بالعرضيات اليوم ضُمت لمدير ومشرف الآثار بمحافظة الليث ومحافظة أضم ومحافظة القنفذة ومحافظة العرضيات وعلى الرغم من تخصصه في هذا المجال وجهوده الملموسة والتي يشكر عليها إلا أنه لا يستطيع التوفيق كما قال لي بين آثار أربع محافظات في منطقة شاسعة وأضيف لكل ما سبق وللأمانة في نقل ما رأيت أثناء زيارتي للرزقي ذلك الجندي المجهول الذي لم يأل جهدا في الحفاظ على آثار منطقته والعناية بها حيث كان يقوم بعد انتهاء فترة دوامه الرسمي في مكتب التربية والتعليم حيث يعمل، يذهب ليتفقد الآثار التي تم اكتشافها ويتعاهدها من العبث وقد لمست منه عندما التقيت به الأسف والحسرة على بعض تلك الآثار التي اكتشفت ثم تعرضت للانتهاك وقد قام في أوقات ماضية بكشف العديد منها وذكر بأن تلك الآثار سبق وأن رفع عنها تقارير لوكالة الآثار سابقاً ثم للهيئة العليا للسياحة ولم يتم حتى الآن إرسال فريق تحقيق ودراسة من قبل الهيئة لتحليل ودراسة تلك النقوش المشار لها، وقد انتهكت لعدم وجود سياجات تحميها وهو ينادي بضرورة العناية بتلك الآثار في منطقته وفي نهاية هذا المقال أضم صوتي لصوته وأناشد الهيئة العليا للسياحة والآثار ولحيثيات أن بلاد العرضيات رقيّت قبل أشهر من مركز إلى محافظة أناشدها بسرعة تكليف من ترى فيه الكفاءة من العارفين بآثار محافظة العرضيات سواءً كان المذكور أو غيره تكلفه رسمياً مديراً للآثار في محافظة العرضيات حيث أن بعض المواقع الأثرية هناك تعرضت للانتهاك لعدم تسويرها والبطء في العناية بها. [email protected] تويتر : @bnmgni